السياسةالقرن الأفريفيتحليلاتمقالاتمقالات الرأيوجهات نظر

اتجاهات خطيرة في القرن الافريقي: إثيوبيا والصعود إلى الهاوية (3)

تعتبر منطقة القرن الأفريقي أحد بؤر التوتر في العالم فما أن تنطفئ حرب حتى تستعر أخرى ويدرك المتابعون لشؤون القرن الأفريقي أن المنطقة مقبلة على مصير مجهول ومنزلق خطير مع اندلاع حرب إقليم تيغراي، ويخشى المراقبون أن تمتد هذه الحرب إلى دول الجوار وأولهم إرتيريا التي أصبحت طرفا في الحرب وربما تصل النيران إلى دول أخرى إن لم يتم حل الأزمة بالمفاوضات والحوار الوطني الجامع بين كل مكونات وشعوب إيثوبيا ولا سيما في ظل العجز الإقليمي والدولي في احتواء الأزمة.

أبي أحمد والنداء الأخير
تتجه الأمور في أثيوبيا نحو التصعيد ورفع شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة. الأجواء في آرات كيلو تعكس حالة التعبئة العامة واقتصاد الحرب. البعثات الدبلوماسية في الخارج أغلقت وفي معظم الحالات اقتصر الأمر على شخص السفير. تحول مكتب رئيس الوزراء أبي أحمد إلى إدارة حملات الرقابة على وسائل الإعلام في الداخل والخارج حتى أنه اتهم سبعة من وسائل الإعلام الدولية بالتمييز وتشويه الحقائق ومنها الواشنطن بوست ورويترز وبلومبرج .عمليات البروباجاندا التي تديرها الحكومة الأثيوبية تذكرنا بعصر غوبلز ودعايته النازية. وسط ذلك كله يصدر أبي أحمد “مرسوما حربيا وطنيا” يدعو فيه كل إثيوبي للانضمام إلى قوات الدفاع الوطني ووحدات القوات الخاصة والميليشيات والتقدم إلى جبهة القتال ضد تيغراي.

ومن النقاط المثيرة للاهتمام في بيان رئيس الوزراء إعلان التعبئة العامة أن: الدعوة موجهة إلى جميع الإثيوبيين داخل وخارج البلاد -اي أنها تشمل المغتربين. كما أن غير القادرين على الانضمام إلى الجيش والقتال بمقدورهم “العمل عن كثب مع قوات الأمن ، ومراقبة” من يعتقدون أنهم عملاء وجواسيس تيغراي. وهذه مسألة خطيرة لأنها قد تؤدي إلي زيادة الكراهية على أساس عرقي. أضف إلى ذلك يصرح للمواطنين أن يكونوا يقظين ويحافظون على مناطق جوارهم التي يقيمون فيها. قد يعني هذا أن واجب الحفاظ على القانون والنظام يقع في أيدي المواطنين العاديين. ولم يقتصر أبي أحمد عند هذا الحد بل اتجه إلى “تديين” الحرب أو تسييس الدين عندما دعا رجال الدين إلى “الدعاء في الصلاة” من أجل الحرب ضد تيغراي. المثير للاهتمام ان الدعوة حددت بالإضافة إلى تيغراي العدو الذي يقاتل أبي أحمد “القوات الأجنبية” – “القريب منها والبعيد”.

تحالف التيغراي -الأورومو
بعد بيان الحرب الذي أعلنه أبي أحمد تم الإعلان عن تحالف عسكري جديد لقوى المعارضة المسلحة بين جبهة دفاع #التيغراي وجيش تحرير أورومو. وكان نظام أبي أحمد قد صنف التنظيمين في لائحة التنظيمات الإرهابية وقال زعيم جيش تحرير أورومو كومسا ديريبا ، المعروف أيضًا باسم جال مارو ، أن: “الحل الوحيد الآن هو الإطاحة بهذه الحكومة عسكريًا ، والتحدث باللغة التي يريدون التحدث بها”. وقال إن الاتفاق تم التوصل إليه قبل أسابيع قليلة بعد أن اقترحته قوات تيغراي. وقال “لقد اتفقنا على مستوى من التفاهم للتعاون ضد عدونا المشترك، وخاصة في المجال العسكري”. وأضاف إنهم يتبادلون معلومات ساحة المعركة ويقاتلون بالتوازي ، وربما يقاتلون جنبًا إلى جنب ، في المستقبل القريب. ويبدو أن المحادثات جارية بشأن تحالف سياسي أيضًا ، كما أن هناك مجموعات أخرى في إثيوبيا منخرطة في مفاوضات مماثلة: “سيكون هناك تحالف كبير ضد نظام رئيس الوزراء أبي أحمد”.
يجمع التحالف بين الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي و جيش تحرير أورومو ، الذي انفصل العام الماضي عن حزب جبهة تحرير أورومو المعارض ويسعى لتقرير المصير لجماعة أورومو التي تعد أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا.

حمدي عبد الرحمن

كاتب ومحلل وأكاديمي متخصص في الشؤون الأفريقية حاصل على دكتوراة في العلوم السياسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى