الرئيس الصومالي الجديد: وعود انتخابية وملفات غير مستكمَلة
مقدمة:
للاطلاع على الملف بصيغة بي دي إف انقر هنا
فاز الرئيس السابق والثامن للجمهورية حسن شيخ محمود برئاسة الصومال من جديد في الانتخابات التي جرت في 15 مايو 2022 ؛ ليصبح الرئيس العاشر للجمهورية، وأول رئيس سابق يعود للحكم في تاريخ الصومال،ويُكسر العرف الذي استمر منذ الاستقلال 1960؛ وفوز الرئيس الجديد له دلالات واضحة على نضج الصوماليين، واستقرار الحياة السياسية والحزبية، واختيار القيادات حسب الكفاءات والخبرات، وذلك بعد سنوات من تجربة الوجوه الجديدة والوافدة في عالم السياسة والدوران في حلقة مفرغة.
إن أهم الاستحقاقات المطلوبة من إدارة الرئيس الجديد هي تحقيق الأمن والاستقرار السياسي وإنعاش الاقتصاد حسب أول تصريح له عبر القسم الصومالي لإذاعة صوت أمريكا، وترميم ما أفسدته الحملات الانتخابية المسعورة، واستكمال بناء مؤسسات الدولة بهدف تفادي اندلاع خلافات سياسية تقوض التقدم الذي تم إحرازه، والحفاظ على المكتسبات الوطنية التي تحققت في السنوات الأخيرة على الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية. والرئيس حسن شيخ محمود بخبرته وحنكته وحلمه قادر على قيادة الصومال في هذه المرحلة الحساسة بشعاره صومال متصالح مع نفسه ومتعايش مع العالم. وإن أول مهامه حسب الدستور الوطني المؤقت هي تسمية الوزير الأول الذي سيعين أعضاء حكومة قادرة على تنفيذ على رؤية الرئيس في بناء صومال آمن ومزدهر وديموقراطي وعازمة على إخراج البلاد من دوامة الفقر والارهاب، وتستند على ثلاثة مبادئ هي؛ جلب الأمن، وتقديم الخدمات الأساسية، وبناء الثقة بين المواطنين([1]).
وفي هذا التقرير سنستعرض أهم الملفات والوعود الانتخابية التي وردت في البرنامج الانتخابي للرئيس الجديد حسن شيخ محمود، وإلى أي مدى هو قادر على الوفاء بوعوده، وأهمها الأمن، وإصلاح الجهاز القضائي، والمصالحة، وتفويض السلطات في النظام الفيدرالي، وإنعاش الاقتصاد، واتباع سياسة خارجية حكيمة.
ويُذكر أن الرئيس يبدو أكثر حيوية ونشاطا في فترته الرئاسية الثانية؛ وذلك بالنظر إلى الخطوات والقرارات المتسارعة التي اتخذها منذ انتخابه حتى الآن، وإذا نجح في اختيار رئيس وزراء مقبول شعبيا ومتوافق معه فكريا يتوقع المراقبون أن تشهد الساحة السياسية الصومالية استقرارا وهدوءًا يمهدان الطريق لمرحلة جديدة، وبيئة سياسية تستوعب الجميع من دون إقصاء أو تهميش أي طرف على حساب طرف آخر وفق الشعار الانتخابي للرئيس الجديد وحزبه.
أولا: المحور الأمني
يعد الأمن أهم تحدٍّ واجهته الحكومات المتعاقبة بعد فترة الحرب الأهلية، ويعد مفتاحا لحل الأزمات الأخرى في البلاد مثل:المصالحة، تفشي البطالة، وخاصة بين الفئات الشبابية الذين يقعون فريسة للجماعات الإرهابية.
-
المصالحة
سيعزز الرئيس المصالحة الوطنية بين أبناء البلد وسينظم مؤتمرات وجولات مفاوضات وأنشطة ستصب في هذا الاتجاه، وسينخرط في مفاوضات جدية مع إدارة صوماليلاند التي أعلنت انفصالها عن بقية البلاد من طرف واحد في عام 1991م،على أن تُعقد جولات المفاوضات مرة في مقديشو وأخرى في هرغيسا بدون رعاية طرف أجنبي، كما بات واضحا أن مفتاح الوحدة في هرغيسا وبيد مقديشو قرار الانفصال؛ ولهذا فلا مناص من المفاوضات الحقيقية بين الجانبين وليس مجردالجولات الاستكشافية التي جرت في كل من دبي ولندن واسطنبول وجيبوتي ولم تسفر عن شيء؛ إذ يتمسك كل طرف بوجهة نظره.
فالحكومة الفيدرالية تعتبر التفريط بأي جزء من البلاد خيانة عظمى وبمثابة انتحار سياسي لمن يقدم على خطوة من هذا القبيل بينما ترى صوماليلاند الوحدة خطا أحمر وشهادة وفاة سياسية لمسعى الاستقلال والبحث عن الاعتراف الدولي.([2])
وسيسعى في إيجاد حلول جذرية لأزمة محافظة غِدُو في ولاية جوبالاند، وحل مشكلة تنظيم أهل السنة والجماعة في ولاية غالمودوغ، وإطلاق سراح السياسي المنشق عن حركة الشباب والمرشح السابق لرئاسة ولاية جنوب الغرب والمعتقل بطريقة غير قانونية ودمجه في المجتمع تدريجيا ليمارس نشاطه السياسي دون مشاكل وفقا للقانون والدستور، ولتشجيع القيادات التي تنشق عن حركة الشباب لإلقاء السلاح وتحقيق رغباتها السياسية عبر النضال المدني؛ وتجسدت هذه الرؤية في خطابه المقتضب عقب انتخابه مباشرة؛ حيث قال أننا كصوماليين لا يمكن أن ننسي المآسي والآلام التي تعرضنا لها طيلة السنوات السابقة ولكن يمكننا أن نعفو ونصفح لينعم بلدنا بالأمن والاستقرار؛ لذا علينا أن لا ننظر إلى الماضي حتى نصنع غدا ومستقبلا مشرقا للأجيال القادمة.
-
احتواء حركة الشباب
تقوم رسالة وأدبيات حركة الشباب على استغلال الدين في أجندات سياسية بحتة، والمتمثلة في سعيها لحكم البلاد بناءً على أفكار مغلوطة لتطبيق الشريعة الإسلامية التي هي الأساس للدستور الوطني، وتحاول إقامة الخلافة الإسلامية على تفسيرها المنحرف، وعلى الحكومة أن تبذل جهودا أكبر في فتح قنوات اتصال مع الحركة وإنهاء الصراع سياسيا؛ لأن عقدا من الزمن أثبت عدم فعالية الخيار العسكري لأي من الطرفين، ولم ينجح أي جانب في إنهاء الآخر، وإن حققت الحكومة بعض المكاسب الميدانية إلا أن الحركة توحشت في فرض الإتاوات على الشعب مع تكثيف الهجمات الانتحارية في الآونة الأخيرة ، ولا تميز بين هدف عسكري ومدني ؛ والخاسر في كل الأحوال الشعب الصومالي، فمن الأفضل حل المعضلة بالمفاوضات، وفي حال فشل الحوار فعلى الحكومة شن عمليات عسكرية على أوكار هذه الجماعات الخارجة على الدين والنظام واستئصال شأفتها ليرتدع كل من تسوِّل له نفسه العبث بأمن البلاد ومصالح العباد.
-
استكمال بناء القوات المسلحة
إن الإشكالية التي تواجه البلاد هي افتقاره لمنظومة أمنية موحدة مرهونة لإرادة سياسية تدفع باتجاه إصلاح المؤسسة الأمنية. وانطلاقا من هذه الحقيقة فإن البلاد تعج بقوات مختلفة التوجهات والتدريب والعتاد تبعا للجهات الداعمة، وهو ما يدق ناقوس الخطر على أمن وسيادة البلاد.
حسب مخرجات مؤتمر لندن في مايو 2017 نصت الوثيقة التي صدرت لإصلاح منظومة الأمن الوطني مع الشركاء الدوليين على توحيد مختلف الأجهزة الأمنية وتأمين الدعم اللازم من المجتمع الدولي ككتلة واحدة بدلا من تشابك المصالح بين الدول وتأثيرها السلبي على بلد يمر بمرحلة ما بعد النزاعات، ولكن للأسف لم يتم التحرك باتجاه تنفيذ وثيقة لندن وخاصة في توحيد هيكل منظومة بناء القوات المسلحة الصومالية، والتي تشمل:
- التوافق السياسي.
- تحقيق منظومة الأمن الشامل.
- تأمين الدعم الدولي.
- خروج قوات حفظ السلام الأفريقية.
- تولي القوات الصومالية مسؤولية الأمن.
وهناك فرصة سانحة مع انتخاب الرئيس الجديد في المسارعة بتنفيذ الالتزامات الواردة في تلك الوثيقة والضغط على المجتمع الدولي للوفاء بتعهداته وخاصة الدول العربية حلفاء الصومال التقليديين مثل الإمارات والسعودية ومصر والجزائر وغيرها من الدول العربية الشقيقة. ([3])
-
تأمين خروج آمن لقوات ATMIS
منذ نهاية عام 2007 وعلى مدار أكثر من 15 عامًا ، ظلت بعثة القوات الأفريقية حاضرة في الصومال بتعداد قوامه 20 ألف جندي وبتفويض من مجلس الأمن الدولي لحماية مرافق الدولة الحيوية من تمرد حركة الشباب، وتقترب هذه المهمة إلى الانتهاء مع إعطاء هذه القوات أقل من عامين لتسليم المسؤوليات الأمنية إلى الجيش الوطني الصومالي والانسحاب من البلاد، وتتمتع ATMIS بصلاحيات هجومية أكثر من سابقتها وتدعو إلى تولي الجيش وقوة الشرطة الصومالية للأمن بحلول نهاية عام 2024.
ويقول محللون إن التقدم السياسي سيعطي دفعة معنوية لإنجاز قوات ATMIS مهمتها بعد إسدال الستار على الانتخابات الرئاسية مما يمكن الوصول لتسوية سياسية بين المركز والولايات (الأعضاء) بشأن التوافق السياسي على المنظومة الأمنية ضروريًا أيضًا لتحقيق هذه النتائج.
وتقول خبيرة الشؤون الأمنية سميرة قايد إن تسليم الأمن للصومال ربما سيستغرق “في أفضل الأحوال خمس سنوات وربما عشر سنوات ولكنها قد تتقلص كثيرا بالنظر إلى الحماس والالتزام الذي يبديه الرئيس الجديد”.([4])
ثانيا: المحور القضائي
إن الدستور الفيدرالي الصومالي المؤقت يتوقف عليه إصلاح الجهاز القضائي؛ حيث يخضع للمراجعة والتنقيح منذ إقراره عبر جمعية تأسيسية مكونة من 825 مندوبا من كافة شرائح المجتمع في أغسطس 2012م، وبعد انتهاء هذه العملية ستتضح المهام والصلاحيات لكل من الهيئات الفيدرالية والولائية، وترسم خطوط عريضة بين هذه الهيئات للحد من الخلافات الدستورية التي تنشب بين الهيئات الفيدرالية وبينها وبين الولايات الأعضاء في الدولة الفيدرالية، وأهم هذه المهام هي:
-
تشكيل مجلس خدمة القضاء
يتكون المجلس من 9 أعضاء، ويناط به توظيف وتسريح أعضاء السلك القضائي، وأهم أعضائه رئيس قضاة المحكمة الدستورية التي لم تر النور بعد.
-
تحديد وتوضيح سلطات المركز والأطراف
من شأن مراجعة الدستور فك الاشتباك إلى حد ما بين صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة التي تتسبب في نشوب الأزمات السياسية، وتهدر الجهود والأموال في إسقاط الحكومات وتشكيلها، كما ستحدد بشكل قاطع مدى صلاحيات الولايات في ما عدا أربعة شؤون، هي: الدفاع، والسياسة الخارجية، والسياسة النقدية، وشؤون الهجرة والجنسية والجوازات التي تستأثر بها الحكومة الفيدرالية.
-
موائمة الدستور الوطني مع مواثيق الولايات
من الأمور المهمة موائمة الدستور الوطني مع مواثيق الولايات لإجراء انتخابات هيئات الولايات في تواريخ متزامنة؛ سواءً المجالس النيابية للولايات أو حاكم الولاية .
-
وضع العاصمة
وضع العاصمة يثير الكثير من الجدل السياسي، وتشير المادة 9 من الدستور إلى أن البرلمان الفيدرالي سيصدر قانونا يحسم وضع العاصمة من بين ثلاث خيارات هي عاصمة اتحادية مثل واشنطن أو ولاية من الولايات أو عاصمة في ولاية.
-
توزيع الثروات
باستثناء “تفاهم بيدوا” بشأن تقاسم الثروات تحت سطح البحر لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن تقاسم الثروات في ما بين مستويات الدولة الثلاث سواء على المستوى الفيدرالي أو الولائي أو المحلي.
-
الاستفتاء على الدستور
قبل الاستفتاء عليه لابد من حسم المفاوضات مع صوماليلاند سواء بالوحدة أو فك الارتباط.
ثالثا : المحور الاقتصادي
-
إنجاز إعفاء الديون
تواصل الحكومة إحراز تقدم في عملية الإعفاء من الديون عن طريق مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، ويُتوقع أن تصل البلاد لنقطة الإنجاز بإعفاء 90% من ديونها البالغة 5 مليارات بحلول منتصف 2023؛ وذلك بفضل الإصلاحات المالية التي قامت بها الحكومة الصومالية بما فيها زيادة الإيرادات المحلية ، وتعزيز الإدارة المالية العامة ، وتعميق قدرة البنك المركزي ، وتعزيز الحوكمة على الرغم من الصدمات التي واجهها الاقتصاد الصومالي، مثل: جائحة كورونا وتداعياتها السلبية، والتغيرات المناخية ، وارتفاع أسعار السلع الضرورية، وطول أمد الانتخابات، الأمر الذي فاقم الضغوط على الأمن الغذائي بسبب الزيادة في أسعار الغذاء والطاقة العالمية.
وحسب صندوق النقد الدولي يقدّر نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 2٪ في عام 2021 ، وسيصل التضخم إلى 8.5 في المائة في عام 2022 ، ومن المتوقع أن يتقلص العجز المالي إلى 0.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ، مع تعافي الإيرادات ومنح الميزانية. تشمل المخاطر على المدى القريب تطور الوباء ، والجفاف الطويل أو الصدمات المناخية الجديدة ، وعودة انتشار الجراد الصحراوي ، والمخاطر الأمنية ، والضغوط الإضافية على أسعار الغذاء والطاقة العالمية. كما أن النقص أو التأخير في صرف منح دعم الميزانية من شأنه أن يخلق مخاطر للميزانية والبرنامج.([5])
-
طبع عملة وطنية
يتعامل الصوماليون بعملة وطنية يعود طبعها إلى عام 1991م مما جعل هذه العملة مهترئة وغير صالحة للتداول؛ حيث يتعامل الناس بالدولار، وهو ما يضعف السيادة والانتماء الوطني، وقد حاولت الحكومات المتعاقبة طبع عملة وطنية، ووصلت مبادرة إدارة الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد إلى مراحل متقدمة لطبع العملة الجديدة، ولكن تم تجميد المشروع لافتقاره للمعايير الدولية؛ والآن تغير الوضع، وقد تم استيفاء جميع الشروطالـ 27 التي اشترطها صندوق النقد الدولي لطرح عملة صومالية جديدة في السوق، والتي ستحل محل العملة الحالية التي تتكون من فئة الألف شلن فقط.
ويواجه المواطنون صعوبات كبيرة في التعامل معها؛ حيث إن الدولار الواحد يعادل ما يقارب 26 ألف شلن، وهذا ما يعني إذا صرفت مائة دولار فلن تكون قادرا على حملها إلا بشق الأنفس، ولحل هذه المشكلة تحتم طبع عملة جديدة، وتختلف عن العملة القديمة المتداولة حاليا في الأسواق من حيث تعدد خياراتها ، وتتكون من ست فئات بدءا من فئة الألف شلن وألفين شلن وخمسة آلاف وعشرة آلاف وعشرون ألف وانتهاء بخمسين ألف شلن، إضافة إلى ذلك ستسهم هذه الخطوة في دعم العملة الصومالية أمام الدولار، وستؤدي إلى استقرار أسعار الصرف التي باتت هم المواطنين في الأيام الأخيرة.
رابعا: المحور الاجتماعي والخدمي
-
توفير الخدمات الأساسية
تحاول الحكومة إعادة الخدمات العامة كالتعليم والصحة والماء والكهرباء وغيرها من الخدمات الأساسية، ففي مجال التعليم قامت بإنشاء مدراس كثيرة لتلبية احتياجات المواطنين المتزايدة وبتطبيق لتوصيات المؤتمر الوطني لشؤون التعليم الذي أوصى بوضع سياسة تعليمية حكومية وتوحيد المناهج الدراسية؛أما في مجال الصحة العامة نجحت الحكومة في إعادة فتح عدة مستشفيات حكومية كمستشفى بنادر ومستشفى المدينة، وتسعى الحكومة لتقديم خدمات صحية مجانية للمواطنين كالإسعافات الأولية فضلا عن دعم مستشفيات القطاع الخاص التي تنمو بشكل مُطّـرد.
تسعى الحكومة لتحسين الخدمات الأساسية وخاصة توفير الكهرباء بتكلفة ميسورة لتحريك عجلة التنمية والحد من الفقر زيادة دخل الأسر، وتحسين مناخ الأعمال، وخلق فرص العمل بالتعاون مع المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي، ويعد الحصول على الكهرباء شرطا أساسيا لتوفير خدمات صحية وتعليمية مناسبة، وكذلك للاستجابة بفعالية للطوارئ والأوبئة والمشكلات المستقبلية، لذلك يهدف المشروع البالغ إلى150 مليون دولار إلى تعزيز الخدمات الصحية والتعليمية من خلال توفير الكهرباء لـ 205 منشأة صحية و380 مدرسة، وتعتبر تكلفة الطاقة في الصومال من بين أعلى المعدلات في العالم وفقاللبنك الدولي، ويعتمد تصميم المشروع على “خبرة البنك الدولي في دعم المؤسسات المحلية في البلدان المتضررة من الهشاشة والصراع والعنف، بهدف تعزيز المعرفة والقدرة المحلية لتحسين تقديم الخدمات وإعادة البناء بشكل أفضل باستخدام حلول صديقة للبيئة ومرنة”، بحسب إيريك فيرنستروم، مدير ممارسات البنك الدولي للبنية التحتية في جنوب وشرق أفريقيايرى البنك الدولي إن الحكومة الصومالية بصفتها عضوًا نشطًا في مبادرة القرن الأفريقي مؤهلة للاستفادة من الفرص التي يوفرها التكامل الإقليمي لتخطي إنشاء البنية التحتية الأساسية للنقل والحصول على كهرباء متنوعة ومنخفضة التكلفة .([6])
وللاستجابة للحالة الإنسانية الطارئة لموجة الجفاف والقحط التي ضربت البلاد عين الرئيس حسن شيخ محمود، السيد عبد الرحمن عبد الشكور مبعوثا رئاسيا خاصا بالشؤون الإنسانية وإغاثة المتضررين من الجفاف للتخفيف من وطأة هذه الأزمة الملحة، وإطلاق نداء ومناشدة للداخل والخارج وتنسيق الجهود في هذا الشأن.
خامسا: المحور السياسي والدبلوماسي:
-
تعزيز الديموقراطية
مع أن الصومال يوصف بدولة فاشلة حسب المعايير الدولية لإخفاقه في تحقيق الأمن والاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي للمواطنين طيلة العقود الأخيرة بعد انهيار النظام العسكري في عام 1991م ؛ إلا أنه نجح في عام 2000 بالتداول السلمي للسلطة للمرة الخامسة على التوالي؛ وذلك مع ميلاد الجمهورية الثالثة في مدينة عرتا بجيبوتي الشقيقة، ورغم ما شاب ذلك من عيوب إلا أنه يحق للصوماليين أن يفتخروا بتحقيق أحد متطلبات الديموقراطية في محيط يعج بالديكتاتوريات، وسيتمسك الصوماليون بتطوير ديموقراطيتهم التي تنبع من حبهم للحرية في اختيار قيادتهم ومحاسبتهم كلما يحين موعد استحقاق انتخابي.
إن اصلاح المنظومة السياسية وإجراء أول انتخابات شعبية مباشرة مطلب شعبي لم يتحقق منذ الستينيات، وحسب خارطة الطريق التي تم التوصل لها في 27 مايو 2021 قبل عام حول أهم الاستحقاقات ووضع القادة جداول زمنية تتراوح بين 2-4 أعوام حتى ينتخب الشعب ممثليه في اقتراع شعبي مباشر بدلا من الانتخابات غير المباشرة التي تستند للمحاصصة العشائرية وشراء الذمم بالامتيازات والمال السياسي.
ويعتزم الرئيس الجديد إطلاق تجربة الجمعيات السياسية عبر المفوضية الوطنية المستقلة للانتخابات والتي سيجدد لها التفويض بعد انتهاء ولايتها في يوليو العام الماضي لتسجيل هذه الجمعيات واستكمال الإجراءات الخاصة في هذا الشأن وخوضها الاقتراع الشعبي على أن تتحول الجمعيات السياسية التي تحتل المراتب الأربع العليا في التصويت الشعبي إلى أحزاب سياسية رسمية تخوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية على المستوى الفيدرالي لمدة عشر سنوات.([7])
-
السياسة الخارجية
يتوقع المراقبون أن يتبنى الرئيس الجديد سياسة خارجية قائمة على مبادئ احترام السيادة وحسن الجوار والتعاون والتكامل الاقتصادي مع دول الجوار العربي والأفريقي التي تشكل العمق الإستراتيجي للصومال، وستكون هذه السياسة بعيدة عن سياسة المحاور؛لأن الصومال بحاجة للأصدقاء أكثر من أي دولة في العالم، كما انتهج ذلك الرئيس الجديد في إدارته السابقة؛ حيث كان الصومال صديقا للكل.
ومن هذا المنطلق يرى المراقبون أن العلاقات مع الإمارات ستزدهر بعد سنوات من التوتر والفتور في إدارة الرئيس فرماجو، وستتطور العلاقات مع جمهورية مصر العربية وذلك للزيارة التي قام بها الرئيس حسن شيخ محمود لمصر عندما كان مرشحا، وإلقائه محاضرة في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية فضلا عن تعزيز العلاقات التي لم تهتز مع المملكة العربية السعودية التي نقلت سفارتها لمقديشو للتعاون المشترك في مجالات التنمية والاستثمار في القطاعات الواعدة في الصومال. أما العلاقات مع كل من جيبوتي وإثيوبيا وكينيا فهي علاقات استراتيجية تنبع من ضرورة الجغرافيا والديموغرافيا وستظل علاقات جوار يمليها المصير والمآل والمصالح المشركة والتكامل الاقتصادي والتجاري. والجدير بالذكر أن العلاقة مع دولة معينة لن تكون على حساب دولة أخرى بالضرورة.
الخاتمة
على الرغم من أن الرئيس الجديد يتمتع بدعم كبير من بعض النخب السياسية والمالية والتعليمية في الصومال على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم الحزبية والعشائرية، ويُنظر إليه كرجل دولة وسياسة بامتياز، ويتوصف بالحنكة السياسية التي أهلته للحكم من جديد، ونظرًا لخطاباته الهادئة ؛ ومع إنجازاته المشهودة في ولايته الأولى، ومنها تشكيل الولايات، وتكريس النظام الفيدرالي في الصومال، وتطوير علاقة الصومال مع العالم في فترة رئاسته إلا أن تحديات كبيرة تواجهه أمنيا وسياسيا واقتصاديا.
إن الملفات التي تنتظر إدارة الرئيس كبيرة وجسيمة، وأهمها استكمال بناء المنظومة الأمنية وتعزيز قدرات بناء جيش يحمل عقيدة قتالية وطنية وقادر على تسلُّم المهام الأمنية من بعثة الاتحاد الإفريقي في الموعد المحدد عام 2024م، وتسريع وتيرة مراجعة الدستور الوطني المؤقت وحسم القضايا المؤجلة لأكثر من عشر سنوات بالإضافة لإنعاش الاقتصاد وخلق فرص عمل للشباب الصومالي الذي يشكل نحو 70% من الشعب، وتهيئة مناخ مناسب لجلب الاستثمار الأجنبي في البلاد لرفع الإمكانات الاقتصادية، الأمر الذي يسهم في تقليل نسبة اعتماد البلاد على المساعدات الخارجية التي تناهز نصف موازنة الدولة.([8])
ويعتقد معارضو الرئيس -المحظوظ كما يصفونه- أنه لن يتمكن من إنجاز أي شيء من الملفات المذكورة، وإنما سينشغل هو ورفاقه بجمع المال العام من أجل ضمان العودة إلى الحكم مجددا رافعين شعارات فارغة يدَّعون فيها أنهم بحاجة إلى استكمال ملفات معلَّقة غير مستكمَلة.
وبعيدا عن النقد بأشكاله المختلفة فإن توجه الرئيس الجديد سيتضح أكثر بعد انتهاء نصف فترته الرئاسية الثانية بعد عامين من الآن.
-
الهوامش:
[1] – صوت أمريكا. [متصل] 2022. https://www.voasomali.com/a/wareysi-madaxweyne-xasan-sheekh-maxamuud/6578785.html.
[2] – مركز الصومال للبحوث ودراسة السياسات. [متصل] 2022. https://somaliacenter.com/2021/05/18/صوماللاند-ورحلة-البحث-عن-الاعتراف-الد/.
[3] – عبد الرحمن عيسى. [متصل] 2022. https://somaliacenter.com/2022/01/26/قراءة-في-إشكالية-القوات-الممولة-أجنبي/.
[4]– The East African. [متصل] 2022. https://www.theeastafrican.co.ke/tea/news/east-africa/from-amisom-to-atmis-will-new-au-mission-in-somalia-succeed-3768488
[5] –IMF. [متصل] 2022. https://www.imf.org/en/News/Articles/2022/05/19/pr22160-somalia-and-imf-staff-reach-staff-level-agreement-on-reviews-of-extended-credit-facility.
[6] –IMF. [متصل] 2022. https://www.imf.org/en/News/Articles/2022/05/19/pr22160-somalia-and-imf-staff-reach-staff-level-agreement-on-reviews-of-extended-credit-facility.
[7] – مركز الصومال للبحوث ودراسة السياسات. [متصل] 2021. https://somaliacenter.com/2021/05/27/التوصل-لآليات-تنفيذية-وخارطة-طريق-لاق/.
[8] –. معاوية فارح. [متصل] 2021. https://al-ain.com/article/0bank-20supports-20the-20electricity-20sector-20i