السياسةالصومالبحوث ودراساتمقالات

الصراع السياسي في الصومال: الاستعمار والبعد التاريخي (1)

أولا : تقسيم الصومال الكبير

لم يتعرض لأي بلد أفريقي مثل ما تعرضت له الصومال من تقسيم مشوه، إذ كانت منطقة القرن الأفريقي عموما مسرحا للهجوم الاستعماري الأوربي منذ فترة مبكرة تعود إلى بداية مرحلة الكشوف الجغرافية البرتقالية في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر ، خاصة حينما نجح البرتغاليون في اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح ، وأقاموا لهم مراكز تحكم في العديد من المناطق الساحلية الأفريقية، ومن بينها شرق أفريقيا ، ونجحوا بالفعل في فرض سيطرتهم العسكرية على سواحل شرق إفريقيا المطلة على المحيط الهندي [1] .

في الوهلة الأولى من الصراع شهدت منطقة القرن الأفريقي نوعا من الاستقطاب بين الإمبراطوريتين البرتقالية والعثمانية، ففي الوقت الذي حدثت فيه الاستكشافات البحرية البرتقالية ، وامتدت سيطرتهم الاستعمارية على السواحل والموانئ في تجارة الشرق برز في الأفق العصر العثماني موازيا لقوتهم في المنطقة. رفع البرتغاليون راية المسيحية والعثمانيون راية الإسلام في مقابل ذلك ، وتحول الصراع فيما بينهما إلى صراع أيدلوجي بشعارات دينية ، مما كان له أكبر الأثر في نفوس الشعوب المسلمة القاطنة في منطقة القرن الأفريقي .

لجأ الحكم المسيحي في الهضبة الحبشة إلى الإمبراطورية البرتغالية لمواجهة الإمارات والمماليك الإسلامية المحيطة بالهضبة والممتدة على الساحل الصومالي الإريتري والتي بدورها لجأت إلى الإمبراطورية العثمانية للدفاع عن مصالحها ومقدساتها . وقد كانت ثورة الإمام ” أحمد بن إبراهيم ” احمد جرى ” أمير منطقة هرر إحدى مقاطعات الصومال الغربي ضد نصارى الحبشة وملوكهم في النصف الأول من القرن السادس عشر هي أبرز نتائج حركة الاستقطاب في ذلك الزمن السحيق .[2]

 وبالفعل استطاع الإمام أحمد بن إبراهيم ” أحمد جرى ” أن يقف أمام غزو الأحباش الذين اندفعوا إلى غزو إمارة هرر الإسلامية في عام 1927م. وهزم الأحباش لأول مرة في الجهاد ، ولم يتوقف عند حد الإغارات الخاطفة بل بدا يجهز الحملات إلى قلب الحبشة ذاتها.

ففي عام 1529م، انتصر الإمام أحمد جرى على الأحباش وواصل غزو بلاد الحبشة من الداخل. وبعدها بعامين فقط عام 1531م تحديدا دخل منطقتي ” اشوا وامهرة ” ونجح المسلمون في السيطرة على جنوب بلاد الحبشة في عام 1535م . وهاجم الإمام أحمد منطقة ” تِجراي ” لأول مرة ، واستنجد الأحباش بالبرتغاليين الذين أرسلوا قوة قوامها يزيد على أربعمائة مقاتل من حملة البنادق لمناصرة الأحباش ، وهذا ما أعطى المعارك طابعا صليبيا . واجه الزعيم المسلم البرتغاليين في المنطقة بين امبا الآجى وبحيرة الشانجى عام 1542م، ولقد جرح الإمام ” أحمد جرى ” ولكنه نجا من الأسر واضطر إلى الاستنجاد بالوالي العثماني في زبيد الذي أرسل إليه قوة من تسعمائة من حملة البنادق وعشرة مدافع . وفعلا عاود الإمام المجاهد الهجوم على البرتغاليين والأحباش[3] إلى أن هزم في بحيرة تانا [4] ثم قتل الإمام المجاهد أحمد إبراهيم في عام 1542 بأيدي قوات الحملة البحرية البرتغالية التي سارعت لنجدة النجاش [5].

 الجدير بالذكر في هذا الصدد طيلة النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، ظل الصومال الكبير مسرحا للتنافس الاستعماري بين بريطانيا وفرنسا و إيطاليا. وقد شهدت الفترة الممتدة ما بين عامي 1880 -1900 م نشاطا هائلا في الاستعمار الأوروبي والأثيوبي تجاه إقليم الصومال الكبير والقارة الإفريقية ككل. الفترة التي سبقت على ذلك التاريخ كانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا تتمتع بالسيطرة غير المباشرة على العديد من المناطق في الصومال، ولذلك لم تكن لديهم أي حاجة إلى الإعلان عن الضم الرسمي لتلك المناطق إلى مستعمراتهم ، طالما يتمتعون فعليا كافة الامتيازات.

ولكن ما دفع الدول الأوربية إلى التحول فعليا عن نظام السيطرة غير المباشرة إلى سياسة السيطرة الرسمية تمثلت في عاملين مترابطين . العامل الأول : اشتعال النزعات التوسعية من جانب عدد من الدول الاستعمارية ، وبالذات بلجيكا والبرتقال وفرنسا . وثانيهما يتمثل في مقررات مؤتمر برلين 1884 م -1885م . التي أرست قواعد احتلال الأراضي الأفريقية .[6]

 وقد شهدت المنطقة في القرن التاسع عشر إلى بروز أكثر من قوة أوربية تتسابق نحو الصومال مما أدى إلى تفتيت البلاد بين هذه القوى ، وهو التقسيم الذي جعل الصومال بدوره أكثر تضررا لوقوع أراضيه في يد أكثر من دولة أوربية كما حصلت الحبشة على الجزء السادس ، وهو جزء من المنطقة الغربية ” إقليم هرر ” والذي توسعت فيه منذ 1987 نحو الجنوب الشرقي حتى ضمت أجزاء واسعة من ذلك الإقليم . [7] إضافة إلى الاحتلال الكيني الذي سيطر ما بات يعرف بمنطقة الإنفدي لاحقا.

ولتقريب الصورة للقارئ نتناول في هذه الجزئية بصورة مختصرة كيف تم تقسيم الصومال الكبير إلى خمسة أجزاء أو أقاليم مفتتة مع التطرق إلى أدوار الدول المستعمرة في كل إقليم:

ا : الصومال البريطاني: يقع شمال غربي البلاد، وعرف بهذا الاسم؛ لأنه كان محمية بريطانية منذ 1884م. وقد استقل هذا الجزء عن بريطانيا يوم 26 يونيو/ حزيران 1960، وتوحد مع الصومال الإيطالي جمهورية الصومال التي استمرت 30 عاما (1960-1990) قبل أن تقع في فريسة الحرب الأهلية [8].

ب . الصومال الايطالي: عرف بهذا الاسم؛ لأنه كان مستعمرة إيطالية، وهو أكبر إقليم من حيث المساحة، ويشكل جنوب ووسط الصومال ويمتد ليشمل جزءا من الشمال الشرقي. وقد استقل عن إيطاليا في الأول من يوليو/ تموز 1960 . وأهم مدنه مقديشو عاصمة البلاد وبيدوا وكسمايو ومركا وبراوة. وهذا الجزء هو الذي أثرت فيه الحرب الأهلية التي نشبت عام 1991م في الجمهورية الصومالية أكثر من غيره.

ج. الصومال الفرنسي: ويقع على الشاطئ الغربي لباب المندب، وسمي بهذا الاسم أثناء الاستعمار الفرنسي الذي كان جاثما على هذا الجزء من الصومال منذ 1862م، ولكنه منذ استقلاله عن فرنسا سنة 1977 أصبح الإقليم يعرف باسم جمهورية جيبوتي [9].

د. الصومال الغربي: عرف في بعض الكتابات بإقليم الأوغادين حسب التسمية الاستعمارية، أو بالإقليم الخامس حسب التقسيم الإداري الإثيوبي، وقد ضم هذا الجزء إلى إثيوبيا منذ 1954م. وتقطن هذا الإقليم قبائل صومالية من نفس تلك التي تقطن جمهورية الصومال. ويعتبر منشأ التوترات السياسية بين الحكومات الصومالية والإثيوبية المتعاقبة منذ استقلال الجمهورية الصومالية التي كانت تعمل على استعادته من إثيوبيا [10].

هـ. الصومال الكيني(NFD)ويعرف أيضا بإقليم أنفدي (NFD) وهو اختصار لـ(Northern Frontier District) ومعناه “المحافظة الشمالية الحدودية”، وهي التسمية التي تطلق عليها الدولة التي تحتلها، وهي كينيا. وهو الآن جزء من الأراضي الكينية، وقد ضمته كينيا إلي أراضيها منذ 1963 بعد اتفاق أروشا. وقبل استقلال كينيا عن التاج البريطاني، اتفقت الأحزاب الصومالية بإقليم جنوب غربي الصومال على إجراء استفتاء يحدد وضعهم، فكانت نتيجته إعلان الانضمام إلى جمهورية الصومال، ولكن الحكومة الكينية قامت بإلغاء الاستفتاء وأجبرتهم على البقاء جزءا من كينيا [11].

 أما أدوار الدول المستعمرة فيتفاوت، فبريطانيا هي أول قوة استعمارية أوربية وضعت أقدامها في الصومال ، إذ قامت باحتلال عدن عام 1839م. [12] واتجهت بعد ذلك نحو السيطرة على الساحل الصومالي المقابل لعدن عبر مضيق باب المندب ، وكان الدافع الرئيسي لذلك لتحقيق هدفين :

الهدف الأول: الحصول على احتياجات القوات البريطانية في عدن والمناطق المحيطة بها من اللحوم والمواد الغذائية من مناطق شمال الصومال والتي تشهر بثروتها من الماشية والأغنام .

الهدف الثاني: تأمين الساحل الصومالي المواجه للقاعدة البريطانية في عدن ، وحرمان أي قوة مناوئة من السيطرة عليه علما أن الساحل الصومالي يستطيع التحكم في المداخل الجنوبية للبحر الأحمر ، وبالتالي يمكن التحكم في طريق الملاحة البحرية التي تمر عبر البحر الأحمر والذي تمر من خلاله التجارة البريطانية ، والتي يمكن أن تتعرض لتهديدات خطيرة في حال سيطرة أي قوة معادية عليه [13].

 وعلى الرغم من أن بريطانيا عقدت عدة اتفاقيات مع زعماء وشيوخ القبائل في شمال الصومال في وقت مبكر إلا أنها بسطت نفوذها على سواحل الصومال الشمالية عام 1884م و بشكل تدريجي ، مصاحبا ذلك التدخلات في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والدينية ، وافرز هذا الإجراء خلافات حادة بين الأهالي وبين السلطة الانجليزية . وكانت بريطانيا واصلت بسط سيطرتها على إنحاء الشمال على الرغم من التذمر والمعارضة من قبل السكان مستخدمة الإغراءات المالية تارة والقوة والبطش تارة أخرى ، وإلى جانب بسط سيطرتها في الشمال استمرت في عقد الاتفاقيات مع شيوخ القبائل ورؤساء العشائر في المنطقة الغربية حيث وسعت نفوذها على إقليم “هود ” كجزء من هذه الاتفاقيات . ومن جهة أخرى وفي ظل ظهورها في شرق إفريقيا وبعد أن احتلت كينيا ثم زنجبار عام 1890 م تمكنت بريطانيا من أن تضع يدها على منطقة صومالية أخرى في أقصى الجنوب عند الحدود الكينية وهى منطقة ” إنفدي ” . وعلى العموم استمر الاحتلال البريطاني في الصومال حتى نهاية الحرب العالمية الثانية واقترن اسمها بعد الحرب بتمزيق أوصال الصومال وتوزيع أجزائه على الجيران . وقد شهدت البلاد طيلة هذه السنوات أعنف أنواع المقاومة وأكثرها استمرارا وشدة ضد الاحتلال الإنجليزي [14].

أما الفرنسيون فيذكر أنهم قد وصلوا إلى المنطقة وبالتزامن مع وصول البريطانيين وذلك بهدف إيجاد معابر للطرق المؤدية إلى مستعمراتهم في قارة أسيا ، وهو ما دفعهم إلى إنشاء مستعمرة لهم في الساحل الصومالي المعروف حاليا بجمهورية جيبوتي ، مشاركين بذلك في تقسيم أراضى الصومال الكبير باتباع طريقة القرصنة الدولية التي سادت السواحل الصومالية الشمالية وغيرها من الأقطار الأفريقية بشراء الأراضي ممن لا يملكها والدخول في معاهدات مع رؤساء القبائل ، وعلى هذا الأساس اشترت فرنسا ميناء أوبخ في سنة 1862م ، غير أن فرنسا لم تقم بأي عمل لتأكيد سيادتها على الإقليم ولم تحتله احتلالا فعليا إلا في عام 1884م . استغل الاستعمار الفرنسي نقاط ضعف الشعب الصومالي هنالك لإخلال النظام والأمن من أجل بسط نفوذه وتدعيم سلطته . والحقيقة أن النضال المسلح والمقاومة الشعبية في ساحل الصومال لم يتخذ ا شكلا عنيفا ومستمرا . إذ تحكمت فيها عوامل خاصة من شأنها أن تؤثر على المقاومة الشعبية وتعرقلها . ومن أبرز هذه العوامل ما يلي:

  1. تنازع قبيلتين على سيادة الإقليم( عفر وعيسى)
  2. قلة أهمية المنطقة من الناحية الرعوية لكونها صحراوية قاحلة.
  3. انعدام مدن هامة في المنطقة وذلك قبل تأسيس جيبوتي.

وبالرغم من هذا فإن التنظيمات والنضال السياسي قد نشأ في ساحل الصومال الفرنسي قبل أن يقوما في المناطق الصومالية المحتلة الأخرى . [15]

أما إيطاليا فقد دخلت في مجال الاستعمار لشرق إفريقيا في عام 1885م ، راغبة في ذلك الاشتراك في تقسيم شرق افريقية مع بريطانيا وألمانيا حتى تجد لها مناطق نفوذ ربما أكثر توفيقا من محاولتها البطيئة حول عصب ، وقد بدأت بذلك عبر حملاتها الاستطلاعية والكشفية عن طريق إرسال سفن حربية بقيادة الكابتن “تشكى ” لكشف المناطق الجنوبية في الصومال ، وخاصة منطقة نهر جوبا ، وكانت ايطاليا تطمع في السيطرة على أراضى جوبا بعد أن تمكنت من رفع العلم الإيطالي على مصب نهر جوبا ، ولكن بعثة تشكى لم تحقق أي انتصار عملي في ارتياد تلك المنطقة أو في الملاحة في نهر جوبا . ولذلك اتجه “تشكى ” إلى زنجبار ، وفي مقابلة له مع سلطان زنجبار “برغش ” أعرب عن رغبة الحكومة الإيطالية في إيجاد علاقات تجارية مع الدولة الزنجبارية ، ولكن السلطان لم يبد أي نوع من التعاون حيث شعر بأن ” تشكى ” يطمع في إيجاد ميناء قرب مصب نهر جوبا . والحقيقة أن رغبة ايطاليا كانت هي المشاركة مع بريطانيا وألمانيا في تقسيم شرق إفريقيا .

ولما رفض السلطان برغش منح الحكومة الإيطالية أي ثغر على ساحل الصومال فكرت الأخيرة استخدام القوة للوصول إلى أغراضها ، إلا أن القنصل الإنجليزي في زنجبار نصح الإيطاليين بأن يبدؤوا عملهم بالتجارة على صورة عقود واتفاقيات مع السلطان لتحقيق أمالهم بالسياسة لا بالقوة ، وأخذ الطرف الإيطالي نصيحة القنصل البريطاني وبدؤوا نشاطهم بإبرام اتفاقية تجارية مع السلطان في 27 مايو عام 1885م . وكانت هذه الاتفاقية لا تختلف في نصوصها عن الاتفاقيات التجارية الفرنسية والانجليزية القديمة [16] . ولذلك يمكن القول أن دخول إيطاليا في ميدان المنافسة الدولية لتقسيم الصومال قد كان مؤخرا ، ولكن كان لها نصيب الأسد، إذ استولت في سنة 1889م على الجزء الجنوبي من الوطن الصومالي عن طريق الشراء لميناء مقديشو من سلطان زنجبار الذي كان له على الساحل الصومالي الجنوبي مجرد نفوذ أدبي . عقدت إيطاليا مع الأهالي معاهدة للتجارة وبسطت بموجبها نفوذها على الإقليم تدريجيا ، ولم يمض وقت طويل حتى انقشعت السحب الحقيقية إلى قوة استعمارية هائلة تمارس أبشع وسائل التعذيب لفرض سيطرتها على الشعب وإخضاعه ، بجانب الاستغلال البشع للعُمال في بلادهم لاسيما المناطق الريفية إذ كان يتقاضى الرجال 80 سنتا في اليوم ، ويتقاضى النساء والأطفال 60 سنتا في اليوم ، وأحيانًا يُضاف بعض الطعام إلى أجور عُمال الريف البسيطة، ويجوز منحهم حصة (مزرعة) لزراعة الطعام لأنفسهم، لكن كثيرا ما كانوا يضطرون إلى دفع إيجار ذلك. كل هذه الظروف وما صاحبها من العمل الجبري تحت ظروف العبودية [17] ، أدت إلى أن يلجأ الشعب إلى مقاومة الايطاليين، وقد قاد العلماء في معظم الثورات ضد الاستعمار إن لم تكن كلها .

الدور الإثيوبي فقد تمثل كذلك باجتياح مدينة هرر في عام 1887م، بجيش قوامه 30 ألف جندي مدججين بأسلحة متطورة حصلوا عليها من القوى الغربية . وعلى الرغم من المقاومة الشرسة من قبل المسلمين لاسيما الصوماليين إلا أن القوات الحبشية استطاعت السيطرة من خلال التعاون مع البريطانيين والفرنسيين ، وكان ” منليك” يعتزم ضم كل الأقاليم الغربية الصومالية مستغلا المنافسة الأوربية في المنطقة ، إذ ظل بتعاون عسكري وثيق مع الإيطاليين في توسعهم إزاء عصب لوجود مقاومة شعبييه في ارتريا ، كما يشارك الإيطاليين في استعمار الصومال . ومن جهة ثانية فقد كان ” منليك ” يتعاون مع فرنسا التي كانت تنافس بريطانيا ، إذ كانت ترغب الأولى من خلال تعاملها مع الحبشة في كسب ودها ومن خلال المنافسة الأوربية الموجودة في المنطقة تمكنت الحبشة من بسط نفوذها على أجزاء واسعة من منطقة الصومال الغربي ، إذ وصلت قواتها إلى منطقة هود.[18]

الجدير بالذكر هنا أن الإنجليز احتفظوا لفترة معينة بإدارة مدنيّة على الهود والأوجادين رغم ضمها رسميا لإثيوبيا في 23 سبتمبر 1948م ، ولم يكن يعنى ذلك إطلاقا مساسا في السيادة الإثيوبية ، وتم تسليمها بصورة رسمية إلى إثيوبيا عام 1955م. [19]

ومجمل القول أن عملية تقسيم أراضى الصومال الكبير استكملت حلقاتها رسميا في عام 1897م ، عندما جرى توزيع أراضى الصومال الكبير بين الدول الأربع ( بريطانيا ، وفرنسا ، وايطاليا ، وإثيوبيا ) وجرى تجسيد هذه الأوضاع الاستعمارية من خلال سلسلة من الاتفاقيات . فقد جرى توقيع المعاهدة البريطانية الأثيوبية في عام 1897م، لرسم حدود الجانبين ، اقتصر بموجبها النفوذ البريطاني على ما كان يعرف بالصومال البريطاني ، ثم جرى في عام 1908م توقيع المعاهدة الايطالية الإثيوبية ، والتي رسمت خط الحدود بين الصومال الإيطالي والأوجادين ، أما الصومال الكيني فقد جرى استقطاع هذا الجزء من الصومال الكبير في إطار مقايضة بين بريطانيا وإيطاليا في عام 1925 م [20].

  • الهوامش:

____________________________________

[1].احمد إبراهيم محمود ، الصومال بين انهيار الدولة والمصالحة الوطنية ،(القاهرة : مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام  2005م ) ص113.

[2]. صلاح الدين حافظ : صراع القوى العظمى حول القرن الأفريقي ، ( الكويت : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1978) ص 41-42.

[3] .عبد الله عبد الرازق إبراهيم : المسلمون والاستعمار الأوربي في إفريقيا ، ( الكويت : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ،1998م )ص 176-177.

[4] . المرجع نفسه ، ص 177.

[5] . صلاح الدين حافظ : مرجع سابق ص 42.

[6] . إبراهيم محمود ، مرجع سابق ص 114 .

[7] عبدى يوسف : الصراع الدولي في الصومال : دراسة في التاريخ السياسي ،( دار الأمين 2007) ص 17 .

[8] . محمد الأمين وسيدى أحمدى سالم مقال منشور في الجزيرة نت انظر الرابط التالي :https://bit.ly/1Ias0Ez

[9] . المرجع نفسه . الجزيرة نت

[10]: وقد تحول اسمه حاليا مع التغير الحاصل في إثيوبيا ” إقليم الصومال “

[11] . المرجع نفسه . الجزيرة نت

[12]. عبدى يوسف ، مرجع سابق ، ص 18 .

[13] . إبراهيم محمود ، مرجع سابق ص 114 -115 .

[14] . عبدي  يوسف فارح : مرجع سابق . ص 20-21.

[15] .محمد قريد السيد حاج : صفحات من تاريخ الصومال  ، ( القاهرة :  المكتبة الإفريقية ، دار المعارف 1983 ) ص 43,44.

[16] . حمدي السيد سالم : الصومال قديما وحديثا ، ج / الثاني ، وزارة الاستعلامات ، جمهورية الصومال ،الدار القومية ، مصر ، ص 141، 142، 143.

[17] . E. Sylvia Pankhurst, Ex- Italian Somali-land. Greenwood, New York,1969. PP.203,204

[18] . عبدى يوسف: مرجع سابق ص 32 .

[19] . حسن مكى محمد:  السياسات الثقافية في الصومال الكبير، (سولو للطباعة والنشر) ص 100.

[20] . احمد إبراهيم محمود : مرجع سابق ، ص 116 .

آدم شيخ حسن

باحث وكاتب فى الشان السياسى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى