الأخبارالتقرير الشهريالصومالالقرن الأفريفيبحوث ودراساتمقالات

الصومال: مراجعة الدستور الفيدرالي المؤقت ومصير القضايا المؤجلة (2- 3)

للاطلاع على الملف بصيغة بي دي إف انقر هنا

في هذا الجزء الثاني من تقرير مراجعة الدستور الفيدرالي ومصير القضايا المؤجلة سنسلط الضوء على القضايا التي تندرج تحت السلطة التنفيذية، وسنناقش التعديلات الممكنة على المواد التي تحكم هذه القضايا التي لم تحسم بعد، ومنها :

  • تفويض سلطات الحكم بين المستوى الفيدرالي والولائي.
  • نظام الحكم المختلط: تحديد صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
  • حسم وضع العاصمة.
  • تقاسم الثروات.

وسنحاول الإشارة إلى الحلول والتوصيات المناسبة، والتي نعتقد أنها ستكون مفيدة، ويمكن أن يستأنس بها المسؤولون وصناع القرار، وتسترشد بها اللجان المكلفة بمراجعة الدستور للوصول إلى الحل الدستوري المنشود، والذي يرتقي بطموحات الشعب الصومالي.

تفويض سلطات الحكم بين المستوى الفيدرالي والولائي

على الرغم من أن الدستور الفيدرالي أشار لآلية تشكيل الولايات الفيدرالية في عدد من النصوص إلا أن الواقع السياسي قد سبقها بفرض الأمر الواقع على الأرض بتشكيل خمس ولايات فيدرالية بالإضافة إلى إدارة صوماليلاند التي أعلنت فك الارتباط مع الصومال من جانب واحد في عام 1991م مع عدم حسم وضع العاصمة، ولهذا فإن المادة 49من الدستور لم تعد ذات جدوى ما عدا بند واحد يحتاج إلى تعديل؛ وهو عدد المحافظات التي يمكن أن تتشكل منها ولاية فيدرالية، والذي ينص على اتحاد محافظتين على الأقل من المحافظات الـ18 وتعديله إلى محافظة واحدة مضافا إليها على الأقل مديرية واحدة من المديريات التي كانت قائمة حسب التقسيم الإداري المتبع في عام 1991م[1]

من ناحية أخري؛ حسم (الدستور الرابع) أربع سلطات حكم لصالح الحكومة الفيدرالية وحدها، وهي: الشؤون الخارجية، الدفاع الوطني، السياسة النقدية ، والهجرة والجنسية، وذلك بموجب المادة 54 من الدستور، بينما لم يحسم جملة من الاختصاصات الأخرى، هل ستكون مشتركة أم ستؤول للولايات الأعضاء في الدولة الفيدرالية، مثل إدارة الموانئ والتعليم التي أثارت خلافات حادة بين الحكومة الفيدرالية وولاية بونتلاند بشأن منح الشهادة الثانوية، ولم يتم حل هذه المسألة جذريا انتظارا للمزيد من المشاورات مع جميع الولايات الأخرى. وأقرب حل لمثل هذه الأمور هو أن تضطلع الحكومة الفيدرالية بوضع السياسية التعليمية مع ترك تنفيذ هذه السياسة للولايات، واعتماد الحكومة الفيدرالية للشهادات التي تصدرها الولايات. [2]

نظام الحكم المختلط : تحديد صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة

انتهج الصومال النظام البرلماني بعد الاستقلال وإن كانت الممارسة الفعلية أقرب إلى النظام المختلط؛ ولكن سرعان ما أطاح العسكر بالتجربة الديموقراطية الصومالية الفتية في مهدها بعد 9 سنوات من الحكم المدني، وتسلمت المؤسسة العسكرية مقاليد الحكم، وطبقت نظاما رئاسيا بحتا، واختل التوازن بين السلطات نظرا لإمساك شخص واحد على كل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.

مبدأ الفصل بين السلطات:

إذا نظرنا إلى خارطة الأنظمة السياسية في العالم لوجدنا بأنها تتبع أنظمة حكم دستورية متعددة، ويرجع هذا التباين إلى تفسير مبدأ الفصل بين السلطات، وتأخذ هذه الأنظمة ثلاثة صور رئيسية، وهي : النظام البرلماني، والنظام الرئاسي، والنظام المختلط. وهناك نظام خاص بسويسرا يسمي (نظام الجمعية)[3]

النظام البرلماني:

يعدُّ من أهم مظاهر النظام الديموقراطي، ويعرفه الفقه الدستوري بأنه النظام الذي يوزع السلطة بين فروع ثلاث (التشريعية، والتنفيذية، والقضائية) دون أن يفصل بينهما فصلا مطلقا بل يجعل بينهما تعاونا وتنسيقا في بعض الاختصاصات، ويجعل لكل منهما في الآخر تأثيرا .

ويقوم النظام البرلماني على خاصيتين أساسيين وهما:

  • الفصل بين رئيس الدولة، ورئيس الحكومة، وهو ما يعرف بلغة القانون (ثنائية السلطة التنفيذية) فرئيس الدولة في ظل النظام البرلماني غير مسؤول سياسيا، وغالبا ما يكون ملكا بالوراثة أو منتخبا فيحتفظ برمزية؛ والقاعدة في هذا النظام (أن الرئيس يسود ولا يحكم) حيث تتركز السلطة التنفيذية في يد رئيس الحكومة، ولا تنفذ قرارات الرئيس في ظل هذا النظام إلا إذا وقع معه رئيس الحكومة أو الوزير المختص بالقرار، فالرئيس غير مسؤول سياسيا فلابد من وزارة مسؤولة أمام البرلمان.
  • الفصل المرن بين السلطات وإقامة تعاون واشتراك في بعض الاختصاصات، فكل منهما تأثير على الآخر، فللبرلمان حق توجيه الأسئلة، والاستجواب للحكومة، كما أن للحكومة حق دعوته لانعقاد الجلسات، واقتراح القوانين، وإصدار اللوائح.وهذا النظام يطبق في دول أوروبا الغربية كبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا وغيرها من دول العالم مثل: اليابان والهند وإثيوبيا، وهذا النظام لم تعرفه الصومال طيلة حياتها رغم طرحه على الطاولة أكثر من مرة.

النظام الرئاسي:

تقوم فكرة النظام الرئاسي الفصل التام بين السلطات وخلق توازن بينها ، وحماية كل منهما ضد تدخل ورقابة الآخر، والهدف منه إقامة التوازن بين السلطات. ويقوم النظام الرئاسي على وجود رئيس منتخب من الشعب يجمع بين صفة رئيس الدولة ورئيس الحكومة، وله سلطةاختيار الوزراء وإقالتهم. ويقوم أيضا على مبدأ الفصل المطلق بين السلطات؛ فلا يسأل الرئيس أمام البرلمان. وهذا النظام هو المتبع في الولايات المتحدة بدءاً من دستور 1787م، وهو ناتج من تجربتهم.

النظام شبه الرئاسي- البرلماني(النظام المختلط)

تعدُّ التجربة الفرنسية الملهم الأساسي لهذا النظام بدستور 1958م الذي وطد ركائز هذا النظام، وحذت حذوها دول أوروبية عديدة كالبرتقال، ورومانيا، وبلغاريا، والاتحاد الروسي، أما في القارة السمراء فتعد السنغال وتونس أبرز مثال لهذا النظام، وفي آسيا تعد باكستان، وسريلانكا من الجمهوريات ذات النظام المختلط؛ حاول هذا النظام الاستفادة من مميزات النظام البرلماني والرئاسي معا، وتجنب مساويهما .

يقوم النظام المختلط بخصائص لا بد من توافرها للدول التي تطبق هذا النظام، وأهمُّ هذه الخصائص ما يلي:

  1. وجود رئيس منتخب من الشعب في اقتراح عام مباشر، يتمتع بصلاحيات واسعة بعكس رؤساء الدول ذات النظام البرلماني. ولا يحق للسلطة التشريعية سحب الثقة من رئيس الجمهورية كما هو متبع في الأنظمة البرلمانية التي يحق فيها للبرلمان أن يسقط الرئيس من خلال اقتراح سحب الثقة، وهذه الخصائص أبرز ما استعاره من النظام الرئاسي.
  2. أما عن النظام البرلماني فأخذ عنه وجود مؤسسة الحكومة (مجلس الوزراء) إلى جانب رئاسة الجمهورية (ثنائية السلطة التنفيذية) وكون مجلس الوزراء مسؤولا أمام البرلمان، ويحق للسلطة التشريعية مساءلة الحكومة ومنح وحجب الثقة عنها .

تعد هذه السمات الأساسية لنظام المختلط، والتي يجب أن تتوفر في أي دولة تتبع هذا النظام. أما بالنسبة للصلاحيات الممنوحة لكل من رئيس الدولة ورئيس الحكومة فتختلف من دولة إلى دولة، وهذا يتوقف على دستور الدولة والفلسفة التي يقوم عليها، وليس لرئيس الدولة إقالة رئيس الحكومة من منصبه حسب هذا النظام.

صلاحيات هرم السلطة التنفيذية في الدستور المؤقت لعام 2012:

تتكون السلطة التنفيذية في الصومال من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء برئاسة الوزير الأول، وقد صمُّم هذا لإحداث التوازن بين الرئاستين حتى لا تتركز السلطات في يد واحدة وللحيلولة دون الاستبداد والتفرد بالسلطة أو إساءة استخدام السلطة لأي من الرئاستين؛ فرئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدة الوطن، حامي ومعزز المبادئ الأساسية للدستور. يمثل سيادة الوطن ووحدته وسلامة أراضيه وفقا للدستور، ويعين الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة. أما مجلس الوزراء فيتكون من عدد من الوزراء يرأسهم الوزير الأول، وهذا المجلس هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة. يمارس هذا المجلس تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة والإشراف عليها وتنفيذ القوانين وإصدار اللوائح وإعداد مشروع الميزانية والحساب الختامي وتعيين الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة.

ويلاحظ أن الدستور يعطى صلاحيات متماثلة إلى حد ما لكل من رئيس الجمهورية والوزير الأول مثل تعيين وعزل كبار المسؤولين والموظفين. [4]

فك التشابك بين صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة

على الرغم من أن الدستور الفيدرالي المؤقت 2012م لم يختلف عن سابقيه في توضيح النظام السياسي، ولكنه يشبه نظام الحكم المختلط في كثير من ملامحه، فقد طبق الدستور بعض خصائص النظام البرلماني ففصل عضويا بين رئيس الدولة ، ورئيس الحكومة، إضافة إلى إعطاء الرئيس والحكومة حق التدخل في سير العمل البرلماني عن طريق دعوته للانعقاد، كما أعطى البرلمان حق التدخل في أعمال الحكومة بالاستجواب، والمسؤولية البرلمانية، والمساءلة، بل وإسقاط الحكومة والرئيس بأغلبية الثلثين إذا أدين بانتهاك الدستور، أو خيانة وطنية، وكذلك أعطى رئيس الجمهورية حق حل البرلمان في حالة عدم استطاعته موافقة مجلس الوزراء أو برنامج الدولة ولكنه لم يتخلص نهائيا عن مظاهر عناصر النظام الرئاسي، فقد أعطى رئيس الدولة سلطات واسعة يمارسها بنفسه وليس عن طريق وزرائه كما هو معروف في الأنظمة البرلمانية ، بالإضافة إلى ذلك قرر قدرة الرئيس على حل المجلس البرلماني قبل انتهاء مدته في حالة عدم موافقته على برنامج الدولة، أو عدم إعطائه الثقة للمجلس التنفيذي، ومقابل ذلك أعطى البرلمان حق عزل رئيس الدولة بأغلبية الثلثين؛ وهذا مما يزيد ويعمق الغموض، إضافة إلى بيان الدستور انتخاب الرئيس من المجلس البرلماني مما يفقده أهم خاصية في النظام الرئاسي الذي يجب أن يكون الرئيس منتخبا من الشعب مباشرة.

مما لاشك فيه أن النظام السياسي الذي أقامه الدستور الصومالي 2012م يحمل الكثير من ملامح النظام المختلط، ولكنه يحتاج إلى فك التشابك بين صلاحيات الرئاستين كما هو معمول به في الدول الـ 37 التي تتبع النظام المختلط. ويُذكر أن العلاقة التي أقامها الدستور لا ترسم خطا واضحا يمكن تطبيقه عمليا لتجنب الاضطرابات السياسية التي تعصف بالبلاد. فالرئيس في نزاع دائم مع الوزير الأول، ويرى أنه يجب أن يخدم برنامج سيده، بينما البرلمان يريد إخضاع الحكومة لأجنداته قبل أن تلاحقها بطرح سحب الثقة ، والمواطن لم يفهم حتى الآن ما يجري حوله، ويظهر أن المشكلة دستورية، وأن مسلسل الخلاف بين الرئاستين سيستمر ما لم يتم حسم القضية وإجراء تعديلات دستورية بالتزامن مع طلب شرائح من المجتمع الصومالي بإجراء تعديلات دستورية في ظل فشل الحكومات السابقة باستكمال تنفيذ ما تبقى من الخارطة نحو دولة القانون والنظام.

إن الفلسفة التي قام عليها هذا النظام الذي رسمه الدستور الفيدرالي المؤقت تنطلق من حقيقتين أساسيتين الأولى: الخشية من الميول الاستبدادية في حال انتهاج النظام الرئاسي، والثانية تحاشي النظام البرلماني وتقاليده الراسخة وتعقيداته الإجرائية في تداخل السلطات، ولهذا كانت الفلسفة من النظام المختلط تقسيم السلطة بين رئيس منتخب من الشعب (يتم انتخابه حاليا عبر البرلمان بمجلسيه بموجب الدستور المؤقت) وحكومة من حزب الأغلبية أو ائتلاف أحزاب لها صلاحيات السلطة التنفيذية، وبرلمان يأتي بانتخابات غير مباشرة أقرب إلى التعيين منه إلى الانتخاب مع أن الدستور ينص على انتخابها باقتراع شعبي مباشر حسب المادة 64 لمجلس الشعب والمادة 72 لمجلس الشيوخ. وقد تم تعليق هاتين المادتين لتعذر انتخابات شعبية مباشرة. وعلى ضوء هذه الخلاصة فلا بد من إجراء تعديلات تضمن انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة مما يستدعي تعديل المادة 89 من الدستور التي تشير إلى انتخاب الرئيس من قبل البرلمان بمجلسيه، وانتخاب أعضاء البرلمان من الشعب، وسن جملة من القوانين ذات الصلة بالتعديلات الدستورية وخاصة المادة 90 التي تحدد صلاحيات رئيس الجمهورية والمادتين 99 و 100 التي تحددصلاحيات رئيس مجلس والوزراء ومجلس الوزراء على التوالي.

حسم وضع العاصمة

هناك ثلاث خيارات مطروحة على الطاولة، وهى الأنماط المتبعةفي الدول الفيدرالية،أو بالأحرى ثلاثة أوضاع رئيسية: مقاطعة فيدرالية، ولاية فيدرالية، ومدينة في داخل ولاية تخضع لقوانين الولاية ما عدا المباني التابعة للدولة الفيدرالية. ولكل من هذه الأنواع مشكلاته ومميزاته، وأكثر هذه الأوضاع تعقيدا هو الوضع التي تكون العاصمة مدينة في ولاية فيدرالية، وهو الأقل من حيث الممارسة.

الوضع الأول: مقاطعة فيدرالية (Federal District)

في هذه الحالة تكون العاصمة قومية مستقلة عن جميع الولايات المحيطة بها، وليس لها تمثيل في مجلس الأعيان أو الولايات (مجلس الشيوخ) ولكن لسكان العاصمة الحق في انتخاب ممثليهم في مجلس النواب أو الأمة (مجلس الشعب) وللحكومة حق إصدار قوانين تنظم شؤون العاصمة، ويجب عليها احترام مبادئ التعاون على النحو المنصوص في الدستور، وهذا النمط هو الأكثر شيوعا، ومن أبرز العواصم التي طبقت هذا النظام أبوجا، أديس أبابا، برازيليا ، بيونس أيرس،إسلام آباد ،مكسيكو،نيو دلهي،واشنطن دي سي.

الوضع الثاني: ولاية فيدرالية (Member State)

هذا النمط تكون العاصمة ولاية مستقلة من الولايات القائمة ضمن الاتحاد؛ ولسكان العاصمة الحق في انتخاب ممثليهم في المجلسين، ويجب على الحكومة وإدارة العاصمة الاتفاق حول توزيع الضرائب، وأراضي الحكومة التي تقع في نطاق الولاية الفيدرالية، ومن أبرز العواصم التي تطبق هذا النمط: برلين، بروكسل، فيينا ، موسكو.

الوضع الثالث: مدينة في ولاية فيدرالية (City in Member State)

هذا النمط هو الأقل شيوعا من حيث الممارسة وأكثرها تعقيدا، وتكون العاصمة بلدية محدودة داخل الولاية، وتقع في نطاقها وضمن اختصاصاتها، ويجب على الولاية التي تقع العاصمة في نطاقها إصدار القوانين التي تنظم شؤون العاصمة، ولكونها مباني محدودة فلا يمكن تمثيلهم في المجلسين، ومن العواصم التي اتبعت هذا النظام برن – أوتوا – بريتوريا/ كيب تاون. [5]

ولتحديد وضع العاصمة في السياق الصومالي هناك رأيان لهما تأثير على الوضع الذي قد تؤول إليه العاصمة؛ حيث يرى الأول ضرورة تشكيل الولايات على أساس المحافظات الـ18 حيث يرأس كل محافظة حاكم له صلاحيات السلطة التنفيذية، وسيكون لكل ولاية/محافظة بما فيها محافظة بنادر (مقديشو) تمثيلا متساويا في مجلس الشيوخ، وسوف يدير الاتحاد جميع المطارات والموانئ، لكون المحافظة قد أخذت صبغة الولاية في هذا الاقتراح ” فدرلة المحافظات”سيتم حل مشكلة محافظة بنادر، ومحافظتي صول وسناغ المتنازع عليهما بين صوماليلاند بونتلاند، إضافة إلى مشكلة غالمودوغ، كما أنه يضع حدا للنزعات الانفصالية، وسوف يسهم في تسهيل الخدمات للمجتمع وتوزيعها بصورة عادلة؛ ولكن الخبراء يعتقدون صعوبة تطبيق هذا المقترح من زاريتين، وتتمثل أولاهما في صعوبة التنفيذ (إن لم تكن مستحيلة)؛ لأن إلغاء أو تغيير الولايات القائمة من وضعها المعتاد أمر في غاية الصعوبة، وتتمثل الزاوية الأخرى في استحالة تحقيق التوازن الجغرافي والديموغرافي بين الولايات؛ وعليه فإن أقرب سيناريو قابل للتطبيق هو بقاء الأمور على ما هي عليه مع بحث حلول لوضع العاصمة في إطار الجهود الرامية لتحقيق التوافق السياسي بين الفاعلين في المشهد السياسي، وكذلك تنظيم استفتاء بشأن أزمة محافظتي صول وسناغ المتنازع عليهما بين صوماليلاند أو بونتلاند.

تقاسم الثروات

إن تقاسم الثروات يشمل الأرض و الثروات الطبيعية مثل البترول والمعادن والثروات السمكية كما تشير إليه المواد 43 و44 و45 حيث تنص المادة 43 على: أن الأرض هي الثروة الأهم للشعب، ويجب على الحكومة الفيدرالية أن تضع سياسة وطنية للأرض تقوم على مبادئ الاستفادة من خيراتها، وتساوي فرص الحصول عليها للمواطنين، وضمان حقوق الملكية وتسجيلها وفقا للقانون والنظام، وتحديد المساحة التي يمتلكها شخص أو شركة، وعدم إساءة استخدامها وإلحاق الضرر بها، وحل النزاعات على الأراضي بشكل عاجل ومرض للجميع.

ولكن للأسف لم تصدر هذه السياسة الوطنية تجاه الأرض؛ مما أدى إلى تفاقم ظاهرة النزاع على الأراضي، وأصبحت تهدد الأمن الوطني والسلم الاجتماعي في ظل عجز المحاكم عن البت في هذه القضايا المرفوعة لضعف المؤسسة القضائية وأجهزة إنفاذ القانون وغياب التشريعات اللازمة؛ والمطلوب معالجة هذه المشكلة فورا وإصدار سياسية وطنية تسري على الكل، وتحقق المصلحة الوطنية،مع سن التشريعات اللازمة في هذا الشأن .

وتنص المادة 44 على التفاوض بين الحكومة الفيدرالية والولايات الأعضاء على تقاسم الثروات الطبيعية وفق نهج دستوري، وقد تم التوصل إلى”اتفاق بيدوا”حول تقاسم الثروة السمكية في فبراير 2018، وثروات البترول والموارد المعدنية في يونيو 2018 حسب ما يوضح الجدول المرفق في الهامش.[6] وتعدُّ هذا الإجراء خطوة في الاتجاه الصحيح على أن تتبعها خطوات لاستكمال ملف تقاسم الثروات الطبيعية ووضع ما تم التوافق عليه موضع التنفيذ. أما المادة 45 فتدعو الحكومة الفيدرالية بالتشاور مع الولايات وضع سياسية عامة للبيئة لحماية البيئة والمحافظة عليها وصيانتها مما قد يتسبب في ضرر للتنوع البيولوجي الطبيعي والنظام البيئي.

وفي تقرير وزارة الدستور الصومالي المكتوب بلغتي الإنجليزية والصومالية[7] حول كيفية اقتسام الثروات الطبيعية هناك تفاصيل دقيقة بشأن توزيع حصص الأرباح وتكاليف الإنتاج على جميع الأطراف المعنية، بدءا من الشركات المستثمرة، ودور الحكومة الفيدرالية، ومرورا بنصيب المنطقة التي يتم استخراج المعادن المختلفة فيها، وانتهاء بنسب الولايات غير المصدِّرة. ويلاحظ فيه أن الحكومة الفيدرالية تضطلع بالدور الأكبر في جميع المستويات، وهذا هو الأمر الذي يجب أن تتفهمه الولايات؛ لأنه يتم التعامل مع شركات عالمية ودول عظمى بهدف التعاقد معها وفق اتفاقيات دولية حول الثروات الطبيعية.

 ومن هنا ندرك أن هناك جهودا جبارة قد بُذلت في هذا المجال، وينقصها فقط الاستكمال وتحقيق التوافق المنشود، وذلك في إطار مساعي حسم جميع القضايا الدستورية المؤجَّلة، وضمان الحقوق الدستورية للشعب الصومالي الذي كان يتطلع منذ زمن طويل إلى دولة مؤسساتية قائمة على دستور (غير مؤقت) يتم بواسطته تصويب أداء المؤسّسات الحكومية في مختلف القطاعات.

 ……………………………………………

 المراجع

[1] – thenewhumanitarian. thenewhumanitarian. [Online] 2014. https://www.thenewhumanitarian.org/ar/thlyl/2014/02/05/m-hy-afq-njh-lnzm-lthdy-fy-lswml.

[2] – الاتحادي, وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني. [Online] 2016. https://www.mfnca.gov.ae/ar/media/altamkin-newsletter-content/distribution-of-legislative-and-executive-powers-between-the-union-and-the-uae-in-the-constitution/.

[3] – حسن, فداء ابو. [Online] 2017.

[4]الدستور, وزارة.الدستور الفيدرالي المؤقت. s.l. : وزارة الشؤون الدستورية

[5] – عيسى, عبد الرحمن. [Online] 2018. https://goobjoog.com/shirka-wadatashiga-gobolka-banaadir-ma-goaamin-karaa-maqaamka-caasimadda/.

[6] صورة لجدول من تقرير وزارة الدستور الفيدرالي حول كيفية اقتسام الثروات الطبيعية في الصومال

[7] – –https://drive.google.com/file/d/1bPBrTIjjKKGGq7AEqNVc6PAlEb2BTA94/view?usp=sharing

علي شيخ يوسف

باحث ومستشار قانوني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى