مقدمة
تلا وكيل وزارة الخارجية الصومالي الأحد 29 نوفمبر 2020 السفير / محمد علي نور بيانا من الحكومة الصومالية تضمن قرارا بسحب سفيرها من نيروبي والطلب من السفير الكيني مغادرة مقديشو للتشاور وذلك احتجاجا على التدخلات الكينية المتكررة في الشأن الداخلي الصومالي والتي من شأنها أن تقوض الاستقرار في المنطقة ، هذا وكانت كينيا قد افتعلت أزمة دبلوماسية مع الصومال في فبراير 2019 بإقدامها على خطوة تصعيدية في العلاقات الثنائية بين البلدين وذلك باستدعاء سفيرها من مقديشو للتشاور وطالبت السفير الصومالي في نيروبي بمغادرة أراضيها على خلفية انزعاجها من عقد الحكومة الصومالية مؤتمرا في لندن لعرض وترويج حقول نفطية في المياه الصومالية، و قد أبدى الصومال حينها ضبطا للنفس وأظهر للعالم أجمع نضجا دبلوماسيا أحرج الحكومة الكينية أمام العالم وعرى ادعاءاتها غير المدعومة بأدلة ملموسة وقد رضخت في نهاية لأمر للواقع وبادرت بعد شهرين تقريبا بإعادة العلاقات الدبلوماسية إلى طبيعتها بإعادة سفيرها إلى مقديشو وعودة السفير الصومالي إلى نيروبي.
التوتر الدبلوماسي الراهن
دأبت كينيا على استفزاز الصومال والاستهانة بقدراته مستغلة الظرف الذي يمر به ولم تضع في حساباتها أن الصومال قادر على إدارة العلاقة مع كينيا على أساس الندية والشراكة المتساوية لحماية المصالح المشتركة بين البلدين الجارين، وهي القاعدة التي تحكم العلاقات الدولية. وفي أول رد فعل من كينيا عبر الأمين الدائم لوزارة الخارجية الكيني السفير / مجريا كاماو عن أسفه لقرار الحكومة الصومالية وأضاف أن كينيا سترد على القرار الصومالي في الوقت المناسب، الجدير بالذكر أن السفير مجريا كاماو زار مؤخرا الصومال وأجرى محادثات مطولة مع نظيره حول العلاقات الثنائية محاولا فك الحظر عن استيراد القات من كينيا الذي فرضته الصومال مع تفشي جائحة كورونا وعرض تسهيل تأشيرات الدخول للصوماليين والاستثمار في كينيا غير أن الحكومة الصومالية لم تستجب للطلب كون الأخيرة لم تكف عن تدخلاتها في الشأن الداخلي للصومال بتأليب حاكم ولاية جوبالاند على الحكومة الصومالية وافساد الاتفاق السياسي المبرم بين الحكومة الفيدرالية وحكام الولايات.
ومع أن البعض يعتبر القرار مفاجئا إلا أن المتتبع لمسار العلاقات الثنائية بين البلدين يدرك أن مثل هذا القرار لا يعتبر متسرعا بل متوقعا إذا وضعنا بعين الاعتبار البيانات التي سبقته والتي كانت تحمل في طياتها احتجاجا شديد اللهجة وقد تجاهلته كينيا اعتقادا منها أن الصومال لن يمضي بعيدا وسيكتفي باصدار البيان تلو الآخر ظنا منها أن الصوماليين بحاجة إلى كينيا أكثر مما تحتاج كينيا إلى الصومال، ومما يعقد الأمور الاستحقاقات الانتخابية المقبلة على كلا البلدين في العام القادم والتي ستفاقم من حدة الخلافات الدبلوماسية إضافة إلى النزاع الذي تشهده الجارة إيثوبيا وهو ما ينذر بانزلاق منطقة القرن الأفريقي في حروب لا طائل منها، ولكن الخبراء يستبعدون تطور الخلاف الدبلوماسي بين الصومال وكينيا إلى حرب بين البلدين.
الخاتمة
الصومال وكينيا بلدان جاران ويتشاركان الكثير من المصالح، مع وجود بعض الملفات العالقة كمسألة الحدود وقضية اللاجئين والتوترات الدبلوماسية بين الحين والآخر، هذه القضايا لا ينبغي أن تعيق التعاون المشترك بين البلدين لحاجة كل منهما الآخر، وبناءا على هذه القاعدة فإن إدارة الخلافات بين البلدين ممكن وأن ما يتفق عليه البلدين أكبر مما يختلفان عليه، إذا أخذنا في الاعتبار استضافة كينيا لمدة طويلة لللاجئين الصوماليين فضلا عن الجالية الصومالية في كينيا وأغلبها من رجال الأعمال النشطين الذين ساهموا في تعزيز التجارة البينية بين البدين الجارين، ولهذا فإن هذا التوتر سيتم احتوائه كما تم تسوية الخلافات السابقة.