التقرير الشهريمقالات

العلاقات الصومالية التركية وتأثيرها على مسيرة السلام والتنمية في الصومال

المقدمة :

تعتبر العلاقة بين تركيا والصومال قديمة وتمتد إلى حقبة الدولة العثمانية التي ساندت الصومال في مواجهة الاحتلال الغربي في المنطقة. هذه العلاقة التي شهدت فتورا في وقت من الأوقات وانتعشت مرة أخرى مع بداية الاهتمام التركي في القرن الأفريقي عموما والصومال خصوصا.فقد مثلت زيارة أردوعان التاريخية إلى مقديشو في عام 2011 ، نقطة تحول مهمة في العلاقات بين البلدين حيث استطاعت تركيا أن تلفت نظر العالم إلى المشكلة الصومالية المزمنة ثم تلتها بإقامة مشاريع إنسانية وتنموية ساهمت بالدرجة الأولي في تقليل النزاعات التي كانت تقوم من أجل التنافس على الموارد .

المشاريع الإنسانية و التنموية

المعلوم أن الصومال قد تأثرت بالحرب الأهلية التي تعدد اللاعبون فيها بتعدد المسميات والمراحل تارة بين نظام سياد برى والجبهات التي كانت تسعى لإسقاطه وتارة أخري بين الجبهات نفسها التي تصارعت علي التركة وبين الإسلاميين مرّات كثيرة . كل هذه الحلقات من الصراع الصومالي الصومالي جعلت البلاد تفتقر إلى أدني مقومات الحياة دعك عن البني التحتية والخدمات الأساسية . ورغم أن المجتمع الدولي والإقليمي كان له مساعي حميدة لتسوية الصراع في الصومال إلا أن معظم التدخلات لم تستطع أن تحتوي الموقف وتضع حدا للأزمة التي طال أمدها لعقود ثلاثة . مثّلت أزمة الجفاف التى ضربت الصومال في عام 2011م و زيارة أردوغان إلى الصومال وما تلاها من دعم إنساني غير مشروط للصومال نقطة تحول رهيبة في مسار العلاقات الصومالية التركية إذ استطاعت الأخيرة أن تلفت نظر العالم مرة أخرى إلى المعضلة الصومالية ، مما جعل العالم يتسابق نحو مقديشو لإيجاد موضع قدم في هذه المنطقة الإستراتيجية لاسيما في الصراعات المحتملة حول المياه والمضايق .

ومن هذه المشاريع التركية في الصومال المبنى الضخم للسفارة التركية في مقديشو والذي يعكس مدى العلاقات بين الطرفين ،يضاف إليها كذلك ما قامت به الحكومة التركية من مشروع ترميم مستشفي “دكفير” الذي تحول لاحقا إلى مستشفى أردوغان وإعادة تشغيله، بجانب عدد من الشركات التركية التي تستثمر في مجالات حيوية كالميناء والمطار في العاصمة الصومالية. علما أن التبادل التجاري بين الصومال وتركيا قد بلغ نحو 27 مليون دولار في عام 2015 ، هذه المشاريع التركية قد ساهمت بشكل أساسي في توفير موارد ووظائف من شأنها أن تخفف حدة التوتر في الصراعات التي كانت تقوم من أجل الموارد .

العلاقات الصومالية التركية

تعد العلاقة بين الصومال وتركيا من العلاقات التي تدعمها الروابط الدينية ، ففي عام 1529م ، انتصر الإمام “أحمد غرى” على الأحباش وواصل غزو بلاد الحبشة من الداخل. وبعدها بعامين فقط عام 1531م تحديدا دخل منطقتي ” اشوا وامهرة ” ونجح المسلمون في السيطرة على جنوب بلاد الحبشة في عام 1535م . وهاجم الإمام أحمد منطقة ” تغراى ” لاول مرة ، واستنجد الأحباش بالبرتغاليين الذين أرسلوا قوة قوامها يزيد على أربعمائة مقاتل من حملة البنادق لمناصرة الأحباش ، وهذا ما أعطى المعارك طابعا صليبيا . واجه الزعيم المسلم البرتغاليين في المنطقة بين امبا الآجى وبحيرة الشانجى عام 1542م، ولقد جرح الإمام ” احمد غرى ” ولكنه نجا من الأسر واضطر إلى الاستنجاد بالوالي العثماني في زبيد الذي أرسل إليه قوة من تسعمائة من حملة البنادق وعشرة مدافع . وفعلا عاود الإمام المجاهد الهجوم على البرتغاليين والأحباش([1]) إلى أن هزم في بحيرة تانا ([2]) ثم قتل الإمام المجاهد أحمد إبراهيم في عام 1542 البحرية البرتغالية التي سارعت لنجدته . وبيت القصيد في هذا أن المسلمين عموما والصوماليين خصوصا كانوا يحصلون الدعم المادي والمعنوي من الدولة العثمانية في تركيا . و مناصرة الأتراك للإمام المجاهد الصومالي السيد : محمد عبد الله حسن في القرن التاسع عشر في كفاحه ضد الإنجليز خير مثال لعمق تلك العلاقة القديمة بين الصومال وتركيا . ومما لاشك فيه أن هذه العلاقة قد شهدت نوع من الفتور في الفترات الأخيرة لأسباب تتعدد لا يسع المقام لسردها، ولكن مثلت الزيارة التاريخية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الصومال عام 2011، عندما كان رئيسا لوزراء تركيا نقطة تحول مهمة لمسار العلاقات بين البلدين ، حيث ازدهرت العلاقات بين البلدين وتعززت وفي أكثر من مجال مع بدء محادثات منتظمة رفيعة المستوي وتبادل الوفود والتعاون في المنتديات الدولية بما في ذلك الأمم المتحدة .

كانت تركيا الدولة الأولي الرائدة والتي مدت يد العون للصومال في محنته ” أزمة جفاف 2011″ وأزماته المتكررة ، واليوم توجد رابطة قوية من الصداقة الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين، بجانب التعاون في القضايا الأمنية والعسكرية والتعليمية . وإذا كان هذا كله متوقعًا بفضل المشاركة الإيجابية المستمرة على أعلى المستويات في كل من الحكومتين الصومالية والتركية والقطاعين الخاصين، فإن ما يدهش الكثير من المراقبين هو العلاقات القوية بين الشعبين التي تطورت أيضًا([3]) وبشكل لم يسبق لها مثيل . الجدير بالذكر هنا أيضا أن تركيا قد استضافت خلال شهر مايو عام 2010م ، الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد ضمن إطار مؤتمر دولي عقدته خصيصا لمناقشة الشأن الصومالي بعنوان ” إعادة الأعمار والأمن في الصومال ، الأمر الذي فهم حينه بأنه اهتمام مكثف من قبل تركيا بالوضع الصومالي ليس على صعيد الأمن المضطرب وحفظ السلام المفقود وحسب ، وإنما علي صعيد الإعمار أيضا ([4]).

إن معظم المشاريع التي نفذتها الدولة التركية أو شركاتها داخل الصومال كانت مشاريع ذات أبعاد تنموية خدمت في المقام الأول للمواطن البسيط ، والذي حرمته الحرب الأهلية كل الخدمات الأساسية المقدمة من الدولة للشعب . تنوعت المشاريع التركية في الصومال لتشمل عدة قطاعات حيوية وهامة للشعب الصومالي. وعندما قدّم الأتراك المساعدات الإنسانية والسخية للصومال تبعها تنفيذ مشاريع تنموية على مساحة البلاد طولاً وعرضاً وأسست مستشفيات ومدارس ابتدائية وثانوية ومهنية وأصبح مألوفاً من خلال الرؤية في شوارع المدن والقرى والأرياف الصومالية تواجد سيارات الهلال الأحمر التركي ، وشعاراتهم التي عادة ما يرفق بها عبارة “من الشعب التركي إلى الصومالي”، والتي كان لهاأكبر الأثر في نفوس الصوماليين ليتم قبولهم كأشقاء وحيدين . وبالنسبة للمساعدات الإنسانية أنفقت تركيا عشرات المليارات من الدولارات في مجال الإغاثة الإنسانية وحدها وتفوقت على كل دول العالم والمانحين وقد وصلت سفن تركية محملة بالأغذية والملابس والأدوية لموانئ مقديشو، بوصاصو، بربرة التي قدمها الشعب التركي للصوماليين في أوقات متفاوتة([5]). وعلى الرغم من أن تركيا قد بدأت تقديم المساعدات مؤخرا عام 2011، مقارنة ببعض الدول إلا أنها وبحلول عام 2012 فقط ،أصبحت أنقرة “رابع أكبر مانح في المساعدات التنموية والثالث في المساعدات الإنسانية([6])

ففي المجال الاقتصادي والاستثمارات :

في المجال الاقتصادي وقع الدولتين عدد من الاتفاقيات ومذكرات تفاهم وبلغ حجمها نحو” 14″ اتفاقية منها “اتفاقية التجارة والتعاون الاقتصادي، اتفاقية التعاون في مجال الاستثمار، اتفاقية التعاون في مجال الضرائب”، أما مذكرات التفاهم تشمل ” مذكرة تفاهم في الإنتاج الزراعي، مذكرة تفاهم في الصيد البحري، مذكرة تفاهم في مجال الصحة الحيواني، مذكرة تفاهم لتأسيس لجنة التعاون الاقتصادي بين الصومال وتركيا” وتم توقيع هذه الاتفاقيات في الفترة الزمنية بين (2013م-2018م) ([7]) . ومن ناحية صيد الأسماك وقعت تركيا والصومال على اتفاقية تتيح للصيادين الأتراك صيد الأسماك في المياه الإقليمية الصومالية ([8])

أما الاستثمارات : فقد حمّلت تركيا علي نفسها مسئولية “إعادة إعمار الصومال” وبلغت الاستثمارات التركية في الصومال نحو 100 مليون دولار في عام 2015م. وتركزت في مجال الاقتصاد والتجارة وهناك عدد كبير من الشركات التركية التي تستثمر المشاريع في الصومال بصورة مباشرة أو عبر شركات محلية في عدد من الأقاليم الصومالية خاصة في مقديشو([9]).في عام 2013م استلم الأتراك إدارة مطار مقديشو الدولي المعروف بمطار ” ادم عبد لي عثمان الدولي ” حيث بدأت شركة “فافوري ” بتطويره وإدارته بشكل عصري ، وقبل ذلك بدأت شركة الخطوط الجوية التركية أول شركة لها سمعة دولية تسيير رحلات منتظمة إلى مقديشو في عام 2012م .وقد سلّمت الحكومة الصومالية إدارة ميناء مقديشو الهام والحيوي للاقتصاد الصومالي بل وعصبه كذلك إلى شركة تركية تسمى ” مجموعة البيرق ” [10]”بموجب اتفاق يلزم الشركة أن تدفع 55% من الإيرادات لخزينة الحكومة الصومالية . وقد أنجزت هذه الشركة بالفعل المهام الموكلة إليها حيث بدأت تحوّل مع نهاية كل شهر مبالغ طائلة إلى خزينة الدولة الصومالية مما رفع من ميزانية الدولة وجعلها تتدفق بانتظام بسبب الإدارة الصارمة للشركة. ومن المشاريع الهامة التي نفذتها تركيا في الصومال مشروع تعبيد الشوارع الرئيسية في مقديشو حيث أنفقت ملايين الدولارات في سفلتة الشوارع وترميمها ، مما أعاد للمدينة بهجتها ورونقها كعاصمة وهو الأمر الذي فقدته منذ ربع قرن من الزمن([11])

التبادل التجاري :

 بلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا والصومال نحو 72 مليون دولار في عام 2015م و وصل إلى 80 مليون دولار في عام 2016م ، ونري أن أهم المنتجات التي تصدرها تركيا للصومال “المواد الغذائية و مواد البناء” ومن الطبيعي أن يزداد حجم التبادل التجاري بسبب تدفق الاستثمارات التركية في الصومال، حيث هناك تشجيع علي الاستثمار في الصومال من أعلي المناصب ونري أن زيارات أردوغان إلي الصومال قد شهدت عدد من رجال الأعمال الأتراك للتشجيع علي الاستثمار في جميع المجالات و اعتبار الصومال أنها تمتلك مغانم كثيرة و أوجه متعددة للاستثمار([12]).

بدء التبادل التجاري بين البلدين يأخذ أهميته عبر خدمات الخطوط الجوية التركية وهي الخطوط الدولية الوحيدة التي ترسل لمقديشو أكثر من خمسين رحلة أسبوعية حتى عام 2017م ، بحسب ما صرح به السفير التركي لدى الصومال.ولقد خدمت الخطوط الجوية التركية للمواطنين الصوماليين في وقت كانوا يعانون من عزلة دولية وإقليمية ، ولفك العزلة عن الصومال بدأت الخطوط الجوية التركية في مارس من عام 2012 ، رحلات دولية من وإلى الصومال ليستفيد من هذه الخطوة، التي تعتبر الأولى من نوعها منذ أكثر من عشرين عاما، المغتربون الصوماليون في كل من أميركا وأوروبا([13]).

 المجال الصحي:

كان هناك مشروع ترميم مستشفي “دكفير” الذي تحول لاحقا إلى مستشفى أردوغان وإعادة تشغيله، وقد تم افتتاحه في عام 2015م . مع زيارة الرئيس أردوغان . ولم يقف الجانب التركي عند حد ترميم المستشفي وإعادة تأهيله فقط وإنما قد تم أيضا توفير الكادر الطبي .ويستقبل المستشفى مرضى من الصومال والدول المجاورة، مثل كينيا وجيبوتي، ليقدِّم خدماته الطبية للفقراء والمحتاجين وضحايا الإرهاب والحروب. وتبلغ القدرة الاستيعابية للمستشفى حوالي 205 أَسِرَّة، ويضم غرفة عمليات، ووحدة عناية مركزة، ومختبرات أشعة، ووحدة تصوير بالرنين المغناطيسي، ووحدة غسيل كلى، وقِسمًا للعلاج الطبيعي، وقسمًا للولادة ([14]).

دأبت كذلك الحكومة التركية أن تقدم خدمات صحية للمواطنيين الصوماليين الذين يتضررون بالتفجيرات وتصعب حالات علاجهم داخل الصومال ليتم نقلهم فوار إلى تركيا ، وعندما شهدت الصومال تفجيرات كارثية في أكتوبر عام 2017م كانت تركيا أول دولة تستجيب للنداءات الصومالية وقامت بنقل الجرحى جوا وبسرعة فائقة إلي مستشفيات تركية وقدمت 10 أطنان من الإمدادات الطبية . وقد أشرف عملية تنسيق جهود الإغاثة وزير الصحة التركي للصومال ([15]) ، مما يدل على مدي ألاهتمام التركي للحالة الصومالية ومستوى تعاطيهم مع الملفات الإنسانية . ويضاف في هذا السياق أن الكثير من الصوماليين يتحصلون على جملة من التسهيلات من السفارة التركية في مقديشو إذا رغبوا السفر إلى تركيا من أجل العلاج .

المجال التعليمي :

لقد أنشأت تركيا داخل الصومال عدد من المدارس ومنها مدرسة الأناضول ، ويوجد منها أربعة فروع ثلاثة في العاصمة مقديشو و واحدة في هرغيسا ـــ أرض الصومال وتوجد مدرسة بدر التركية الثانوية ومدرسة بنادر العليا ومدرسة الشيخ صوفي وكل ذلك بأحدث الوسائل والتقنيات . واستقبلت تركيا كذلك نحو 15 ألف طالب صومالي في جامعاتها من خلال المنح الدراسية التي تقدمها دولة تركيا للصومال([16]). كما اعترفت الحكومة التركية بتسع جامعات صومالية كمؤسسات تعليمية مؤهلة باعتراف الجامعات التركية وساعدتهم بإمداد مولدات الكهرباء وأجهزة الحاسوب. ([17]) . المجتمع الصومالي يهتم التعليم في الآونة الأخيرة أيما اهتمام وبالتالي تقديم هذه الفرص التعليمية للأجيال الصاعدة ستساهم وبلا شك في بناء الأمة وترفع من وعي أجيالها التي تقع علي عاتقهم مسؤولية بناء الدولة .

المجال الدبلوماسي :

 لقد افتتح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الصومالي، حسن شيخ محمود، مجمع السفارة التركية، في العاصمة الصومالية مقديشو في عام 2016م ، ويوجد في مقديشو اليوم أكبر سفارة تركية في العالم حيث بنت دولة تركيا مبنى ضخما لسفارتها والذي بجانب أنه أضاف للمدينة رونقا وجمالا إلا أنه يعكس كذلك مدى العلاقة بين البلدين وكيف تطورت في السنوات الأخيرة لتنتقل من مجرد علاقة صداقة إلى شراكة إستراتيجية فيما بينهما . ويضاف إلي قوة العلاقات الدبلوماسية بين الصومال وتركيا بأن الأخيرة باتت تدافع عن المصالح الصومالية في المحافل الدولية والإقليمية علما أن تركيا دولة قوية ومتنفذة في مؤسسات دولية مهمة كالأمم المتحدة وحلف الناتو ومنظمة التعاون الإسلامي . وإذا أدركت القيادة الصومالية مدي الأهمية الإستراتيجية لهذه العلاقة واستطاعت أن تستثمرها بشكل جدي في مشروع بناء الدولة ، فلاشك في أن ذلك سيمثل صمام أمان للمشروع وقابليته للحياة .

المجال العسكري :

أنشأت تركيا قاعدة عسكرية في جنوب مقديشو بتكلفة قدرت حوالي 50 مليون دولار مع مطلع أكتوبر عام 2017، وتبلغ مساحتها نحو 4كلم2. تضم ثلاثة مرافق مختلفة للتدريب إضافة إلى مخازن للأسلحة والذخيرة . هذه القاعدة العسكرية تم إنشائها بموجب اتفاقية عسكرية تم إبرامها بين الصومال وتركيا في ديسمبر عام 2012، تعهدت الأخيرة من خلالها بالمشاركة في إعادة تأهيل الجيش الصومالي . وتم افتتاحها فعلا في الأول من أكتوبر عام 2017، وبحضور قائد أركان الجيش التركي “خلوصى أكار ورئيس الوزراء الصومالي “حسن على خيري” ومسؤولين آخرين من الجانبين . وقد قّدمت هذه القاعدة خدمات لا بأس بها للجيش الصومالي إذ يشرف الجيش التركي حاليا علي تدريب أكثر من 10 ألاف جندي صومالي([18]). وعلي الرغم من أن الطرف التركي يقدم التدريبات اللازمة للضباط المتدربين من الجيش الصومالي إلا أن التكاليف التي تكفلت بها الحكومة التركية لم تقتصر على التدريب والسكن والطعام فحسب، بل تعدّت إلى تغطية التكاليف الأخرى بعد تخريج الجنود والضباط بدفع رواتبهم وتجهيزهم بالسلاح والمستلزمات العسكرية الأخرى حسب تصريحات المسؤولين في الحكومة الصومالية ([19])

نجد أيضا من ضمن الاتفاقيات الأمنية المبرمة بين تركيا والصومال في المجال العسكري هو إعادة تطوير جهاز الشرطة الصومالي، و قد دعمت تركيا الصومال في هذا المجال من خلال تقديم مبلغ مالي قدره مليونين دولار شهريا للحكومة الصومالية لدفع رواتب عناصر الشرطة وذلك حسب تصريح سفير تركيا لدي الصومال “أولغن بيكر” وذلك في عام 2016م . تولت تركيا كذلك مسئولية إعادة بناء جهاز الشرطة الصومالي من خلال التعاون وتعزيز العلاقات مع جهاز الشرطة التركي من خلال تدريب وتأهيل قوات الشرطة الصومالية .

 الخاتمة:

لقد تناولت في هذه الورقة العلمية العلاقة التركية الصومالية من خلال تسليط الضوء على مشاريع تركيا التنموية وتأثيراتها علي عملية السلام في الصومال . في المحور الأول من الدراسة تناولنا عن الدولة الصومالية في مراحل الاستقلال والعهد المدني والعسكري مع الإشارة إلى مرحلة الحرب الأهلية . تضمّن المحور الثاني من الدراسة الحديث عن محطات عملية السلام في الصومال والمؤتمرات التي أقيمت من أجل تسوية الأزمة الصومالية سلميا . مع ذكر أهم مخرجاتها ومنهجياتها في مقاربة المصالحات ورأب الصدع بين الفرقاء ، حتى اللحظة مع التركيز علي المشاريع التنموية والتي من شأنها أن تخدم للمواطنين البسطاء داخل الصومال .

الملاحظ أثناء إعداد الدراسة أن كل المشاريع التركية من مساعدات إنسانية وأخرى تنموية أو استثمارية أو اقتصادية كانت ناجحة ، بل ولقيت استحسانا من الطرف الصومالي الذي لم يعد يتحسس من الجهود التركية أيا كان نوعها . كما لوحظ أن الشارع الصومالي عموما أقرب إلى مشاريع تركيا وجدانيا ويؤيد محاولاتها في إعادة بنا ء دولة الصومال من أي طرف أخر سواء كان عربيا أو غربيا . ولهذا فان تركيا كدولة وكشعب تستطيع أن تلعب دورا هاما في المصالحة الوطنية في الصومال . ومن خلال مشاريعها كذلك يمكن أن تؤثر في صنع عملية السلام في الصومال . إضافة إلى أنها تتمتع بثقة الأطراف الصومالية وقد أثبتت ذلك من خلال استضافتها عدة مرات المفاوضات بين الصومال وأرض الصومال في تركيا .

الجدير بالإشارة هنا أن معظم الصراعات التي تجري حاليا في الصومال أساسها التنافس علي السلطة والثروة ، و الصومال بطبيعة الحال يتمتع بموارد طبيعية متجددة حيث يمكن لدولة مثل تركيا ذات إمكانات ضخمة أن تستثمر في المجالات الواعدة مثل قطاع البترول والزراعة والثروة السمكية ، هذا الاستثمار الذي إذا تم من شأنه أن يوفر فرص عمل لقطاعات واسعة من الشعب الصومالي وثم تعود الفائدة للطرفين وربما يساهم في الحد من التنافس المحموم للاستيلاء على ثروات الآخرين .

أهم المصادر والمراجع :

1: Judith Gradner&Judy el Bushra: ( eds) Somalia The untold Story, The war through the eyes of Somali women, (London:1 published ,2004 by Pluto Press). P: 2.

 جامع عمر عيسي : تاريخ الصومال في العصور الوسطي والحديثة ( القاهرة : مطبعة الإمام ، 1965م ) ص : 246، 247. .2

  1. فاطمة الزهراء على الشيخ احمد : السياسات الأمريكية تجاه الصومال {1960ــ1991}، القاهرة ، دار الفكر العربي : 2008. ط الأولى . ص: ( 143. 144).
  2. Ethiopia’s Intervention in Somalia, 2006-2009 , University of Texas:

https://yonseijournal.files.wordpress.com/2012/08/ethiopia.pdf

  1. محمد أحمد شيخ علي : التدخل الدولي في الصومال الأهداف والنتائج ( الخرطوم : مطابع السودان للعملة الواحدة ، 2005م ) ص: 58.
  2. عبد الله عبد الرازق إبراهيم : المسلمون والاستعمار الأوروبي في إفريقيا ، ( الكويت : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ،1998م )ص: ( 176-177).
  3. المرجع نفسه : ص : (177).
  4. صلاح الدين حافظ : صراع القوى العظمى حول القرن الأفريقي ، ( الكويت : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1978) ص (42) .
  5. مقال في ترك برس بعنوان : تنامي قوة تركيا الناعمة في الصومال، تاريخ الدخول : 15ـ10 ـ 2019 م

. https://www.turkpress.co/node/61420

10.مقالة بعنوان : التحرك التركي المعاصر في أفريقيا : مجلة دراسات شرق أوسطية ، العدد 65. الأردن . تم تصفحه بتاريخ 19. 10. 2019م .

https://bit.ly/2NCCw3V

  1. مقال بعنوان : العلاقات التركية الصومالية علاقة أخوية وإستراتيجية منشور في ترك بوست ، تاريخ الدخول 23ـ10ـ2019م

https://turk-post.net/p-210044/

  1. 12. Turkey’s Assistant model in Somalia: Heritage Institute Publications

https://bit.ly/2CxZpzj

  1. 13. دراسة بعنوان : التوجه التركي تجاه الصومال : منشورات المركز الديمقراطي العربى للدراسات الإستراتيجية ، الاقتصادية والسياسية . تاريخ النشر: يونيو ، 2018م . تاريخ الدخول 25ـ 10ـ 2019م .

https://democraticac.de/?p=54643

  1. 14. هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية : تقرير بعنوان : تركيا توقع إنقاقية مع الصومال لصيد الأسماك في مياهه الإقليمية . تاريخ النشر: 23 سبتمبر 2019 ، تاريخ الدخول 29 ـ10 ـ 2019م .

https://bit.ly/2X6lL4c

15.مرجع سابق : دراسة بعنوان : التوجه التركي تجاه الصومال .

https://democraticac.de/?p=54643

  1. BBCSomali.com

https://www.bbc.com/somali/ganacsi/2014/09/140921_muqdisho_port

  1. مرجع سابق : العلاقات التركية الصومالية علاقة أخوية وإستراتيجية

https://turk-post.net/p-210044/

  1. 18. مرجع سابق : دراسة بعنوان : التوجه التركي تجاه الصومال.
  2. الجزيرة نت : تقرير قاسم أحمد سهل ، بعنوان : تركيا بالصومال : إعمار وإغاثة ومساعدات : تاريخ النشر: 23ـ10ـ2012م . تاريخ الدخول : 25ـ10ـ2019م .

https://bit.ly/2X6b3en

  1. الجزيرة نت : تقرير فهد ياسين بعنوان : الدعم الإنساني في الصومال : الدور التركي نموذجا . تاريخ النشر : 25ـ5ـ2016م . تاريخ الدخول 23ـ10ـ2019م .

http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2016/05/160525074150891.html

  1. مرجع سابق : دراسة بعنوان: التوجه التركي تجاه الصومال.
  2. 22. نفس المرجع .
  3. مرجع سابق : العلاقات التركية الصومالية علاقة اخوية وأستراتيجية.
  4. مقال تحليلى نشر في ترك برس: بعنوان: القاعدة العسكرية في الصومال : الأهداف والأبعاد الإستراتيجية ، نشر بتاريخ : 23 ـ 10 ـ 2017م . تاريخ الدخول 23 ـ 10ـ 2019م .

https://www.turkpress.co/node/40943

25.تقرير وكالة شهادة الإخبارية بعنوان: ماوراء القاعدة التركية في الصومال ، تاريخ الدخول : 28ـ 10 ـ 2019م

https://shahadanews.com/?p=1177

آدم شيخ حسن

باحث وكاتب فى الشان السياسى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى