تزايد شركات الطيران الأجنبية في الصومال
في الشهور الأخيرة تزايدت شركات الطيران الراغبة في تسيير رحلات مباشرة لمقديشو ومدن أخرى في الصومال؛ وذلك لتحسن الظروف الأمنية وتزايد حاجات المسافرين، إضافة إلى استعادة الصومال إدارة مجالها الجوي، والذي كان يدار من قبل الأمم المتحدة في نيروبي من عام ١٩٩٣ حتى ٢٠١٧.
بعد سقوط النظام العسكري ودخول البلاد في حرب أهلية طاحنة في عام ١٩٩١ استمرت لعقد كامل من الزمان انهارت المؤسسات الحكومية وانعدمت الخدمات العامة ومنها الخطوط الجوية الصومالية الناقل الوطني للبلاد Somali Airlines ؛ حيث تم وضع أسطول طائرات الخطوط الجوية الصومالية في الخارج، وخاصة في ألمانيا لوجود علاقات تاريخية بين شركة الخطوط الجوية الصومالية ولوهفتانزا؛ ولعدم الاهتمام بطائراتها وغياب الصيانة الدورية فقد خرجت الخطوط الجوية الصومالية من الخدمة بعد مدة وجيزة من الأزمة، وقد ملأت الفراغ شركات طيران محلية استأجرت طائرات صغيرة يكاد الشخص أن يختنق فيها وقادرة على الهبوط على مدرجات ترابية.
وظل المطار الدولي والميناء البحري في مقديشو مغلقا نتيجة لمناكفات زعماء الحرب إلي أن ظهر اتحاد المحاكم الإسلامية في عام ٢٠٠٦، وطُرد زعماء الحرب وفُتح الميناء البري والجوي في مقديشو مما أتاح لسكان العاصمة السفر بسهولة للعالم، وتحديدا إلى دبي ونيروبي المنفذين الوحيدين آنذاك، وعبر طيران دالو وجوبا المحليين اللذين ظلا يقدمان خدمات الطيران للبلاد قرابة عقدين من الزمان، ومع أنهما لا يرقيان إلى مستوى الخدمات اللازمة وفق معايير شركات الطيران العالمية إلا أنه ينبغي توجيه الشكر لهما لقيامهما بهذا لواجب وملء هذا الفراغ في ظرف صعب.
التركية والإماراتية
وفي عام ٢٠١١ ومع زيارة أردغان- رئيس وزراء تركيا حينها – الرئيس التركي الحالي لمقديشو، وتحديدا في ١٩ أغسطس ٢٠١١ إبان أزمة الجفاف التي ضربت البلاد تعهد ببدء رحلات طيران التركية من مقديشو إلى اسطنبول؛ حيث تنفس الصعداء الركاب المسافرين من أنحاء العالم بانضمام هذا الناقل الدولي العضو بــstar group العالمية إلى الشبكات التي كانت تقترب إلى الصومال.
الجديد بالذكر أن طيران فلاى دبي بدأ في عام ٢٠١٦ تسيير ٤ رحلات أسبوعيا من هرغيسا إلى دبي تنفيذا لاتفاقية الخدمات الجوية التي تم توقيعها بين وزيري خارجية البلدين في مقديشو في عام ٢٠١٥.
الإثيوبية
إن استتباب الأمن والتقدم الذي تحرزه الحكومة جعل من خطوط الطيران الدولية تتسابق إلى الصومال الذي يجتذب ناقلين جدد كلما مر الوقت؛ ففي نوفمبر الماضي بدأ طيران الإثيوبية -الذي يصل إلى وجهات كثيرة وخاصة في أفريقيا – رحلات مباشرة من مقديشو إلى أديس أبابا بمعدل أربع رحلات أسبوعيا قابلة للزيادة حسب الطلب؛ مما زاد من فرص المسافرين، وجعل المنافسة تحتدم بين الخطوط الجوية الدولية لتأمين رحلات مباشرة لمقديشو من حيث الأسعار ودقة المواعيد وجودة خدمات الضيافة والترفيه.
الكينية والقطرية
وقد بدأت الخطوط الجوية الكينية بدورها رحلات مباشرة يومية من مقديشو إلى نيروبي بعد سلسلة تأجيلات قررت هذه الخطوة قبل فوات الأوان؛ هذا وتعتزم شركة طيران القطرية بدء رحلات مباشرة بين مقديشو والدوحة بعد استكمال اتفاقية الطيران الجوية بين البلدين.
غياب الناقل الوطني وجهود الإعادة
تأسست شركة الخطوط الجوية الصومالية كشركة حكومية في عام ١٩٦٤، ووفرت رحلات محلية ودوليه، وكانت أغلب رحلاتها إلى الدول العربية ودول أوروبا الغربية، وتكوَّن أسطولها من ١٢ طائرة مختلفة من طائرات بوينغ وإيرباص وغيرها، وقد قامت الحكومة الفيدرالية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية في ٢٠١٢ بجهود كبيرة لاستعادة الناقل الوطني غير أن هذه الجهود لم تؤتِ ثمارها حتى الآن، ولازالت مستمرة في ظل هذه الحكومة التي نجحت في استعادة السيطرة على المجال الجوي من منظمة إيكاو الذي أصبح يدار من مقديشو بدلا من نيروبي منذ عام ١٩٩٣؛ لذلك أصبحت الظروف سانحة أكثر من أي وقت مضى في إعادة الخطوط الجوية الصومالية إلى الخدمة أسوة بالدول الأخرى.
يُذكر أن التطورات الايجابية بشأن قطاع الطيران وحاجات الركاب المتزايدة تحتم على الدولة وشركات الطيران المحلية إعادة تشغيل الخطوط الجوية الصومالية واستئناف رحلاتها؛ وذلك كشركة مساهمة بين القطاع العام والقطاع الخاص نظرا لمحدودية إيرادات الحكومة وعدم قدرة القطاع الخاص على القيام بهذه الخطوة؛ فمن الأفضل تعاون الأطراف المعنية في إنجاح هذا المشروع الوطني، والذي يصب في تعزيز وتحسين صورة البلاد، ويساهم في إبراز استقلال وسيادة الصومال ورفع العلم الوطني في أنحاء العالم.