الأخبارالسياسةالقرن الأفريفيتحليلاتمقالات

دلالات فوز كينيا بمقعد غير دائم في مجلس الأمن

 صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لخمسة أعضاء جدد يشغلون مقعدا غير دائم بمجلس الأمن في المدة 2021-2022 وفازت كينيا لشغل المقعد عن قارة أفريقيا بعد منافسة محتدمة من جيبوتي بإحرازها113 صوتا مقابل 78 صوت لجيبوتي في الجولة الأولى إلى جانب كل من  النرويج  وأيرلندا عن أوروبا والمكسيك عن أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي  والهند عن اسيا والمحيط الهادي حسب التوزيع الجغرافي المعتمد لدى الأمم المتحدة .

السجال الكيني -الجيبوتي

لم تنجح المجموعة الأفريقية في التوصل إلى اتفاق مرض كما دأب العرف الأفريقي  في السنوات السابقة على ترشيح دولة واحدة لشغل المقاعد المخصصة للقارة؛ وسبق للدولتين شغل المقعد مرتين لكينيا ومرة لجيبوتي؛ حيث تعتبر الاخيرة أن الأفضلية تعود لها بموجب مبدأ التناوب. وأكدت كل منهما على دورهما في احلال السلام في القرن الأفريقي، وفي أماكن أخرى من خلال الانخراط في قوات حفظ السلام ضمن عمليات الأمم المتحدة. وسلطت كينيا الضوء على استقبالها للاجئين.  كما شددت جيبوتي، على الموقع الجغرافي الاستراتيجي واستضافتها لقواعد عسكرية تساهم في حماية الملاحة والأمن الدولي، إضافة إلى دورها الحيوي في جلب الاستقرار والمصالحة في الصومال.

تصويت غير حاسم

وكان الاتحاد الإفريقي قد أجرى تصويتا لحسم مرشح المجموعة الافريقية في شغل هذا المقعد في 21  أغسطس 2019 في مقره بأديس أبابا  وترشح كل من جيبوتي وكينيا لتمثيل  المقعد غير الدائم في مجلس الأمن الدولي لعامي 2021-2022 وحصلت  كينيا على 37 صوتا مقابل 13 لجيبوتي في اقتراح سري للمندوبين السفراء  الذين يمثلون الدول الأعضاء في مقر الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا.

إلا أن جيبوتي قررت المضي قدما في حملتها للترشح للمقعد على الرغم من النتيجة واعتبرت أن تصويت الاتحاد الأفريقي لا يصادر حقها في الاستمرار في حملتها ولا يلزمها قانونيا بالانسحاب من الترشح مع أنه يضع ضغطا أدبيا عليها معتبرة أن من سيصوت في النهاية هي الجمعية العامة للأمم المتحدة على حسم المقعد،  وأصرت جيبوتي على أن “العملية لم تنظم على أعلى مستوى ولا يمكن الأخذ بنتائجها”.

وبالرغم من  أن القارة الافريقية تعد أكثر قارات العالم من حيث عدد الدول البالغة 54 ، وعولت جيبوتي الاعتماد على الأصوات خارج الكتلة الافريقية؛ وخاصة من دول جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي؛ ويبدو أن هذا الرهان لم يكن صائبا إذ أن مشكلة هاتين المنظمتين أنها تتوزع على القارات التي تكون حساباتها معقدة ومتشابكة للغاية.

إن عدم حسم  الاتحاد الأفريقي لمرشح واحد موقف محرج وهو الذي درج اللجوء إلى التصويت  لتجاوز الكثير من العقبات ضمن البيت الأفريقي، والحفاظ على الوحدة الشكلية بين دوله، وتجنب تفتيت الأصوات داخل الأمم المتحدة، ولتلافي مثل هذه المواقف مستقبلا يتطلب الأمر عقد اجتماع لصياغة آلية ملزمة لمنع تكرار هذا الموقف وإلا ستخرج الأمور عن السيطرة وتؤثر على مصداقية الاتحاد الأفريقي وقدرته على تسوية الملفات التي تتصاعد حدتها الإقليمية.

قضية النزاع البحري بين الصومال وكينيا

هناك تخوف وتوجس في الصومال من فوز كينيا بمقعد غير دائم في مجلس الأمن عن القارة الافريقية مما قد يعطيها زخما قد تستغله  لصالحها للتأثير بطريقة أو بأخرى لسحب قضية النزاع البحري المرفوع من قبل الصومال لدى محكمة العدل الدولية لترسيم الحدود البحرية بين البلدين بما فيها الجرف القاري؛  وخاصة بعد نجاحها في تأجيل مداولات المرافعة ثلاث مرات آخرها من يونيو 2020 إلى مارس 2021 ولكن المراقبين يرون أنه لا علاقة بين الملفين؛ فإذا كان مجلس الأمن يعتبرالجهاز التنفيذي في المنظومة الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة هي البرلمان الدولي فإن محكمة العدل الدولية بمثابة القضاء الدولي وهو جهاز مستقل من أجهزة الأمم المتحدة ولا يمكن أن يتدخل أحد في اختصاصاته؛ ولهذا فإن هذه المخاوف ليست في محلها.

دلالات فوز كينيا في المقعد

وضعت كينيا خطة عمل طموحة هدفت لبناء جسور وعلاقات عامة مع العديد من الدول والمنظمات الدولية وخاصة الدول الغربية  وسعت مبكرا في الترويج لترشحها للمقعد الذي شغلته مرتين سابقا في عامي 1977 و 1998 حيث زارت وزيرة الخارجية الدول الافريقية لإقناعها بان خير من يمثل هموم القارة ويدافع عنها مستعرضة  التحديات المشتركة المتعلقة بالسلم والأمن الدوليين .

ويمثل فوز كينيا بمقعد مجلس الأمن نجاحا دبلوماسيا باهرا وتتويجا للجهود التي بذلتها بناءا على مكانتها ودورها كدولة مسالمة تنتهج سياسة خارجية عقلانية وغير عدوانية إلا أن افتعالها نزاعا دبلوماسيا وحدوديا مع الصومال أفقدها الكثير من البريق الدبلوماسي والصورة الذهنية التي كانت تتمتع به كدولة محبة للسلام وداعمة لقضايا القارة وشعوبها وأثرت على سمعتها وثقلها السياسي والاقتصادي في القارة عموما وشرق أفريقيا خصوصا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى