مقالات

دور رئيس الحكومة في حل أزمة الانتخابات في الصومال

مقدمة

اجتمع مجلس التشاور الوطني المكون من قيادة الحكومة الفيدرالية وحكام الولايات أكثر من مرة للتشاور حول عقد الانتخابات االعامة في البلاد ورغم أن الدستور المؤقت ينص على  اقتراع مباشر للانتخابات البرلمانية إلا أن المعطيات الموضوعية تؤكد استحالة ذلك نتيجة لجملة عوامل أهمها الأمن والاقتصاد واستكمال التشريعات اللازمة وبعد مداولات وجولات من التشاور ونقاشات مستفيضة وحفاظا على الوحدة الوطنية واجتماع الكلمة وتقديرا للوضع السياسي والأمني الراهن في البلاد وعلى ضوء نتاىج مؤتمرات طوسمريب توصل القادة إلى اتفاق  17 سبتمبر 2020 في مقديشو وصادق البرلمان الفيدرالي عليه في 26 سبتمبر 2020.

خلافات حادة حول آلية تنفيذ الاتفاق 

 برزت خلافات حادة حول آلية تنفيذ بنود الاتفاق تركزت في ثلاثة ملفات هي  لجنة الاشراف على الانتخابات علي المستوي الفيدرالي التي ضمت أعضاء من موظفي الدولة المدنيين والعسكريين ومن يحق له تعيين لجنة الاشراف علي الانتخابات عى المستوى الولائي في إقليم غدو  التابع لولاية جوبالاند وممثلي صوماللاند الذين يتم انتخابهم في مقديشو حيث رفضت المعارضة وبعض الولايات إجراء الانتخابات بهذه الصيغة وقد تم حل الاشكال في الملفات الثلاث في تفاهم بيدوا  الفني في 16 فبراير 2021.

فشل مفاوضات أفيسيوني

في بداية شهر مارس انطلقت مفاوضات سياسية بين الحكومة الفيدرالية والولايات في قاعدة القوات الجوية في مقديشو ” أفيسيوني” برعاية المجتمع الدولي وذلك للتوافق على جدول الاقتراع المزمع وضعه للانتخابات البرلمانية والرئاسية ولكن فشل الاجتماع قبل أن يبدأ بسبب الخلاف على الجدول، فبينما أصر حاكمي ولايتي جوبالاند وبونتلاند على إدراج بندين إضافيين هما تفويض الرئيس فرماجو مهامه لرئيس الوزراء كونه مرشحا لولاية ثانية وانتهاء مدته الدستورية وضرورة وجود طرف ثالث من المجتمع الدولي يضمن تنفيذ الاتفاق، رفضت الحكومة الفيدرالية الشرطين وانسحبت من الاجتماع وأعلن وزير الاعلام فشل الاجتماع نتيجة لتعنت كل من حاكم بونتلاند وجوبالاند.

تمديد غير دستوري  

تفاقمت الأزمة السياسية في البلاد بعد تمديد ولاية الرئيس  لعامين من قبل مجلس الشعب من جانب واحد دون مجلس الشيوخ الأمر الذي فجر أزمة أمنية كبيرة واندلاع اشتباكات مسلحة بين أفراد من القوات المسلحة رافضين للتمديد مع القوات الحكومية النظامية حيث كادت الأزمة أن تجر البلاد إلى المربع الأول لولا تدخل العقلاء والتراجع عن التمديد غير الدستوري، وذلك بعد أن أصدر كل من حاكم ولاية هيرشبيلي وحاكم ولاية غلمدغ بيانا أعربوا فيه عن رفضهم لأي شكل من أشكال التمديد وبارك رئيس الحكومة البيان مما جعل الرئيس فرماجو يوجه خطابا للشعب يبدي فيه تراجعه عن التمديد وتوجهه لمجلس الشعب لالغاء القرار المثير للجدل.

دور روبلي في حل الأزمة

تتجه أنظار الشعب والسياسيين والمجتمع الدولي نحو رئيس الوزراء محمد حسين روبلي وتعلق عليه آمال عريضة لقيادة البلاد نحو تحول سلمي وسلس للسلطة وإجرء الانتخابات بشكل يحافظ علي  المكتسبات السابقة في مسيرة السلام والاستقرار، ويرى المراقبون أن روبلي  قادر على لعب دور إيجابي لانقاذ البلاد من الانزلاق إلى حرب أهلية، ويشدد المحللون العارفون في خبايا الأزمة الصومالية أنها الفرصة الأخيرة السانحة لرئيس الوزراء ضمن عدد من الفرص لم يستغلها سابقا لصناعة إرث سياسي ودخول التاريخ السياسي من إوسع أبوابه لاتخاذ قرارات شجاعة وفقا للدستور وذلك لبناء الثقة التي اهتزت لمحاولة فرض التمديد غير الدستوري وفض خطوط الاشتباك بين القوات المتأهبة لجولات القتال وارجاعهم إلى ثكناتهم مما يمكن الأهالي للعودة لمنازلهم واطلاق الحوار السياسي لاجراء انتخابات تحظى بقبول جميع الأطراف.

ويشكك البعض بقدرة رئيس الوزراء الذي دخل المعترك السياسي بمحض الصدفة على تحمل مسؤولياته الدستورية لافتقاده للكاريزما والطموح السياسي في مشهد سياسي معقد يختلط فيه العامل المحلي مع العامل الخارجي، ولكن من المحتمل أن يخفف الرئيس فرماجو الضغوط المتزايدة عليه داخليا وخارجيا ويعطي هامشا أكبر لرئيس الوزراء للتواصل مع المعارضة للمناورة والتقاط بعض الأنفاس، وهنا تكمن الفرصة الذهبية التي لا تعوض فهل يستغلها روبلي أم سيضيعها كما ضيع غيرها من الفرص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى