التقرير الأسبوعيالسياسةالصومالتحليلات

‎إختزال الديمقرطية في الإنتخابات تشكّل عقبة كأداء في الصومال.

يتردد أن اجتماعا سيعقد في مقديشو في شهر يونيو القادم  بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات والأحزاب السياسية وذلك لتجاوز آثار كورونا وحسم جدل  الاستحقاق الانتخابي؛ إنها ليست المرة الأولى التي يُعقد فيها لقاءات تجمع بين الفرقاء السياسيّين حول طاولة مؤتمر للتسوية والتقارب بين كافّة أقطاب السياسية الصومالية المختلفة.

الخلافات المتكررة -عديمة المعنى والهدف – بين حكومة المركز في مقديشو من جهة، وحكومات الولايات في الأطراف  من جهة أخرى بات أمرا مألوفا، وقد كان اجتماعهم الأخير بالذات في غروي شهر مايو الماضي قد كشفت للجميع مدى افلاس السّاسة الصوماليين وإفتقارهم الشّديد للمرونة وفنّ التفاوض وإدارة الأزمات، أمّا اجتماعاتهم الصورية فقد كان فيما يبدو لتحسين الصورة العامّة أو ربّما نتيجة ضغط المجتمع الدولي، والأخير هذا لا ينظر للقضية الصومالية إلا بعين مصالحه ولا يهمّه غير تطبيق النظرية الليبرالية التي تُلزم على الدّول الّتي تقتات من معوناتها عقد إنتخابات وتشكيل أحزاب وما إلى ذالك من وسائل لا تهتمّ بالجوهر والمضمون والّذي يُشكّل الصالح العام للأمّة الصومالية أو بالأحرى لا يكترث بالجوانب الأخرى للديمقراطية الأكثر نفعا وإيجابية مثل دعم فصل السلطات واستقلال القضاء والحريات العامة وإلى آخره.

رغم كل تلك المؤتمرات التي أصبحت موسمية وروتنية فإنّها لم تحرز أيّ تقدّم يُذكر في المجال السياسي وعمليّة المصالحة وما زال الخلاف يراوح مكانه، رغم تغيّر وجوه بعض اللّاعبين الأساسيّين واختفائهم من المشهد، لكنّ كنه الخلافات وجوهرها لا تزال قديمة متجددة كما أنّ آليات الإحتواء وطرق المعالجة لا تزال بالية كما كانت من قبل. وبما أن الإطار العامّ والهدف الحقيقي في الخلافات يدور كالعادة على الإستحقاقات الانتخابيّة القادمة ويجهد كل طرف في تقوية موقفه وتثبيته على حساب الآخر أحيانا، تبدو فكرة التنازل غير واردة على الإطلاق بل تكون مرادفة للاستسلام والانكسار في نظر القادة هنا في الصومال.

الآن وبعد مضيّ عام على ذالك اللّقاء لم يحدث تغيير في مواقف الأطراف المتفاوضة باستثناء فرض الحكومة الفيدرالية  واقعا جديدا في غلمدغ باكتساح معارضيها هناك وهو ما قد يعطيها بعض الزخم في لقاءاتها القادمة  لكن ذالك يجب أن لا يثنيها عن إبداء المرونة مع خصومها السّياسيّين حتّى يسهل الخروج بإتفاق إطاري يسهل العمل عليه لعقد انتخابات عامّة في البلد.

نحن -الشعب- لا يهمّنا من ستؤول إليه سدّة الرئاسة في فيلا صوماليا في الإنتخابات بقدر ما يهمّنا تغيير جذري وملموس في سياسات القادة تجاه الشعب والوطن، مصلحتنا تكمن في إيجاد ساسة يعكفون على صياغة الأفكار وخلق السّياسات الكفيلة بتحسين معيشة المواطنين وتقديم خدمات توفّر لهم الحياة الكريمة وتجهد في الذود عن الوطن والدّفاع عن سيادته بدل أغلبية السياسيين الحاليّين الذين جُل همّهم هو جمع المال والتشبث بالسّلطة بأيّ ثمن.

هل تنوي إدارة  فرماجوا تمديد فترة حكمها؟

تدور تكهنات بان إدارة الرئيس فرماجو تسعى للتمديد لعامين لتنظيم انتخابات عامة رئاسية وتشريعية تسدل الستار على الانتخابات غير المباشرة والتي تشبه الاختيار أكثر من الانتخاب ؛ ومع تفشي جائحة كورونا زادت هذه التكهنات في تأجيل الانتخابات عن موعدها وتمديد التفويض لنحو عام أو عامين، قانون الانتخابات الوطني ينصّ على فكرة التّمديد حال تعذّر إجراء الإنتخابات القادمة تحت ظروف قاهرة؛وفشل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في تحديد موعد الانتخابات؛ وعندها يحق لمجلسي البرلمان الفيدرالي  اتخاذ قرار التأجيل والتمديد بناء على تلك المعطيات.

من الطّبيعيّ أن تُولّد هذه الفقرة إنزعاج الكثير من السّياسيّين الّذين كما ذكرنا يتحيّنون مواسم الإنتخابات فقط ليحلّو مكان المغادرين من السّلطة، هؤلاء لا يفهمون بأنّ الإنتخابات وسيلة وليست غاية، وأن تحقيق الصّالح العام ودفع عجلة الأمن والإقتصاد أولى وأجدر من لعبة الكراسي، هؤلاء لا يفهمون بأنّ إنتشال وطنهم من القاع أفضل لهم من اعتلاء كرسي صوريّ لا يتيح لهم التّحكّم الفعليّ في مجريات البلد إلّا فيما قلّ وندر.

وفي هذا الصدد؛ نرى بأن الحكومة الفيدرالية عقدت العزم على عدم مغادرة السلطة إلّا عن طريق إنتخابات عامّة وأنّها تنوي عدم الرّجوع إلى الوراء وعقد الانتخابات غير المباشرة الّتي خلّفت إستياء الجميع منها، ولا أحد يرغب في تكرارها مجدّدا لما صاحبها من فساد وتضخّم سياسيّ وخلق حالة إحتقان مجتمعيّ.

على الأطراف المعارضة  لحكومة خيري التّعاون معها في تحقيق إنتخابات عامّة وعدم الخوف من النزول معها في إنتخابات عامّة لأنّ عقد إنتخابات عامّة يُلغي الدور المحوري للأعيان وشيوخ العشائر ويُساهم في الإنتقال إلى مرحلة تأسيس دولة مدنية ذات مؤسّسات، وعليهم أن لا تُشغلهم الخصومة مع الحكومة عن تحقيق مصلحة الأجيال القادمة، وإلّا فإنّه لا يمكن أن تعرقل إجراء إنتخابات وتدّعي في الوقت نفسه بأنّ الحكومة فشلت في مسؤوليتها. هذا سيؤدّي فقط إلى التّمديد فيما يبدو، نظرا لعدم رغبة المجتمع الدولي في حدوث إنتخابات غير مباشرة التي بموجبها إنضمّ لعضوية البرلمان عشرات ممّن يُشتبه بأنّ لهم صلات بحركة الشّباب كما تشير إليه التّقارير الأمميّة.

إضافة إلى ما سبق، فإنّ بعض التّقارير تشير بأنّ فكرة التّمديد قد أحدثت هزّة طفيفة بين فرماجو وخيري، حيث أنّ الأخير رأى نفسه أنّ أيّ تفاوض بين الحكومة والمعارضة فكرة التّمديد سيكون على حساب كرسيه وقد تجعله خارج المعادلة تماما ممّا دفع فرماجو للتوقف عن التّفكير فيها والبحث ربّما عن خيارات بديلة ربّما يكون التّمديد الصامت (الغير معلن) أحد هذه الخيارات بإضافة نحو بضعة شهور حتّى عام ذاتيّا للإبتعاد قليلا عن جلبة اصوات المعارضة وقد تكون الجائحة مخرجا نسبيّا لهم في ذلك كما ذكرنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى