مقدمة
اختفت الضابطة إكرام تهليل فارح في ليلة 26 يونيو 2021 ولم تتوفر عنها معلومات منذ ذلك الوقت رغم توجيه والدتها السيدة غالي محمود غهاد أصابع الاتهام إلي وكالة المخابرات والأمن الوطني الذي كانت تعمل فيه كمختصة في مجال أمن المعلومات، وفي 2 سبتمبر 2021 صدر بيان وكالة الأنباء الصومالية وفقا لمصدر من المخابرات ذكر أن الضابطة المختفية اختطفت من حركة الشباب والتي قامت بتصفيتها دون ذكر ملابسات اختطافها أو تصفيتها وهو الأمر الذي أثار تساؤلات أكثر من الإجابات، يذكر أن الضابطة تلقت دورة تدريبية في في بريطانيا قبل عودتها واختفائها بأسبوع.
التوترات السياسية:
ومنذ ذلك اليوم توالت الأحداث والهزات السياسية حيث طالب رئيس الحكومة السيد /محمد حسين روبله من رئيس الوكالة السيد / فهد ياسين تقديم تقرير مفصل ومقنع حول مصير الضابطة ومنح مهلة 48 ساعة للوكالة منوّها أنه أمهل الوكالة وقتا كافيا لتقديم تقريرها. وفي يوم 5 سبتمبر 2021 أصدر رئيس الوكالة بيانا أبدى فيه استعداده إطلاع مجلس الأمن القومي بالتقرير الذي طلبه رئيس الحكومة ولكن الأخير اعتبر العرض مراوغة ومناورة جديدة الهدف منها كسب الوقت وإغلاق القضية، وأصد قرارا بإعفاء رئيس الجهاز من مهامه وتعيين قائم بأعماله وطالب النائب العام العسكري التحقيق في القضية ومن جانبه اعترض الرئيس علي قرار رئيس الحكومة.
كمين محكم:
قبل تصدّر لغز اختفاء الضابطة إكرام المشهد السياسي في البلاد ركزت على تحليل نتائج الانتخابات القادمة وتنبأت بأنها ستكون شكلية ومسرحية وستفرز ما أسميته “بالولد المشوّه” إن صح التعبير؛ ولكن تفاعلات “قضية إكرام” كما تبدو صبَّت الزيت على النار؛ وزادت الطّين الحَمَأ بلَّـــة، وتباعدت الأفئدة وطغت الشحناء، إذ أن القضية كمين محكم للتخلص من الرجل القوي فهد ياسين، وإنهاء حليفه “فرماجو” سياسيا، وبالتالي فهي قضية سياسية بامتياز قبل أن تمسي قضية جنائية تبحث عن العدالة إذ عثر خصوم “فهد” على معلومة من الجهاز تتعلق بمصير الضابطة المختفية ، ثم سارعوا في تسريب تلك المعلومة ونشروها في التلفزيون الوطني، فحَدَث انفجار سياسي وعاصفة من ردود الأفعال، ولكن “فهد” لم يسارع في تكذيب الرواية المسربة ولا في تأكيدها بنشرها على “تويتر” الوكالة، وتفاجأ بسرعة نفْي حركة الشباب تحمّل المسؤولية.
أزمة سياسية خانقة:
رئيس الوزراء روبلي على غير عادته أصبح أكثر حدّة، وسرعة، وتوعَّد، وتبنّى القضية،، وهنا وقع “فهد” في الكمين، ففضّل التعويل على المراوغة، وحدث ما حدث!. هذه الجريمة – إن ثبتت – فهي تعتبر النهاية السياسية للرجل المتنفذ، وحليفه الرئيس فرماجو على الأقل في المدى المتوسط، بعد تجاوزهما الكثير من المطبات والأسلاك الشائكة في السنوات السابقة، نعم..هناك جرائم كثيرة ارتُكبت، وتجاوزات عديدة فُعلت، ولكن كلّها مرت من دون عقاب ولا حساب بعكس هذه القضية التي لن تمرّ مرور الكرام!، أليس الله عادلا وحكيما بل حليما عليما؟، لماذا لا تكون – هي – المفتاح للوصول إلى القضايا الأخرى والحقوق المهضومة لتكون عِبرة لكل مغامر ومغرور سياسي في المستقبل يريد أن يفعل ما يريد باسم “السلطة”؟!!.
أكرر دائما: كل أزمة منذ العام 2020 سيتحمّلها الرئيس “فرماجو”، فهو الذي فشل في التوافق السياسي الوطني وعدم التفاهم مع معارضيه وإقناعهم، وهو الذي رسم لنا سياسة خارجية جافة في العلاقات الدولية، وهو الذي أوصل البلاد إلى الطريق المسدود، والانتحار السياسي في التمديد وبوادر حرب 25 أبريل الماضي التي كادت أن ترجع البلاد إلي المربع الأول؛ وهي التي اقتضت تفويض صلاحيات الرئيس وتسليم مقاليد إدارة الانتخابات وتنفيذ الإستراتيجية الأمنية إلى “روبلي”، ومنذ ذلك لم يشارك الرئيس في جلسة واحدة في مجلس التشاور الوطني.!
فلماذا – إذن – يعود من جديد، ويثير الانقسام، ويتدخل في الملف الأمني؟!. وعلى كل، رئيس الوزراء أيضا عليه أن لا يخطو خطوات من شأنها تعميق الأزمة، وتصعيد الموقف، وتأزيم الوضع، كي لا ننزلق إلي الهاوية من جديد، وعليه أن يتمهّل ويتشاور.