السياسةالصومالالقرن الأفريفيتحليلاتمقالات الرأي

الصومال ….مراهنات متناقضة للبقاء في السلطة

مع تصديق الرئيس الصومالي على قانون الانتخابات الوطني المجاز من قبل مجلسي الشعب والشيوخ في البرلمان الفيدرالي والمقدم من الحكومة الصومالية  واقتراب الاستحقاق الانتخابي  بنهاية هذا العام للبرلمان الفيدرالي وبداية العام الجديد للانتخابات الرئاسية فإننا نلاحظ مراهنات متناقضة من قبل القوى السياسية في البلاد كي يبقوا في المسرح السياسي  ويمدوا حياتهم السياسية في المستقبل، وكل من تلك القوى يضرب أوتارا حساسة لا يحسّ بها أو يستشعر مدى خطورتها


؛ هل هو صالح الآن أم عفا عليه الزمن، هل يأخذ بنا إلى الخطر وانهيار الدولة الهشة أم لا.!

وهنا نسجل مراهنات القوى السياسية سواء الحكومة أو القوى السياسية المعارضة على الإمساك بمقاليد السلطة في البلاد في ظل استقطاب سياسي حاد:
1. القيادة الحالية للحكومة الفيدرالية تراهن لبقائها مستقبلا على خلق تحالف إقليمي ودولي قويّ، مع التأثير على القطاعات الشبابية في طول البلاد وعرضها، وقد نجحت كثيرا في هذه النقطة بالذات، فمعظم من يقف مع الحكومة الحالية هم فئة الشباب والقطاعات المحرومة سابقا سواء كانت عشائر مهمشة لم تكن لها نفوذ سابق، أو قوى تناغمت مصلحتها معها، أو طبقات معينة من المجتمع التي تطمح إلى خلق تغيير جذري في النمط التقليدي للحياة السياسية في البلاد، وكذلك استخدام السلطة في البقاء من خلال التأثير على الولاءات وخلق التحالفات الممكنة وبالتالي تريد أن تتخطى العقبات بهذه النقاط المذكورة، وتنظم انتخابات عامة كي يصوت المواطن البسيط أو تلك الفئات الطامحة للوصول إلى مناصب مرموقة لم يمكن بالإمكان التفكير فيها سابقا.
2. النخب السياسية المعارضة ، وهي التي جاءت من رحم الأنظمة السابقة في الصومال، ولم تتناغم مع القيادة الحالية وسلوكها السياسي، وهي فئات متعددة، من قوى وأحزاب ومسؤولين في الولايات، وشخصيات سياسية عامة، وتراهن هذه القوى على عدم عودة  النظام الحالي إلى السلطة مرة أخرى في العام المقبل، مستخدمة تارة الوعيد وتذكير النظام بالأمر الواقع في الصومال الذي لا يمكن تخطّيه، وهو التوافق العشائري التقليدي في اقتسام السلطة والنفوذ، وضرورة الإجماع السياسي، والاستقواء أو الاستشهاد بالأحداث السوداوية الماضية إبان انهيار الحكم المركزي، والمسيرة الطويلة للعملية السياسية والمصالحة التي مر بها الشعب الصومالي لإنشاء مؤسسات انتقالية متلاحقة ومترابطة حتى وصلنا إلى ما نحن فيه ويعتقد منظرو هذا التيار أن استمرار هذه القيادة في السلطة مستقبلا وبهذا السلوك تؤدي إلى الاحتقان السياسي والتوتر وازدياد الغليان العشائري، وترسيم ملامح تشكّل جبهات عشائرية مسلحة على غرار ما وقع في أواخر الثمانينات من القرن الماضي.!!
وهذه المراهنات – كلها- ليست ناجعة وواقعية مائة في المائة، فليس هناك الآن ما نسميه بالشعبية المطلقة، أو أن القوة للشعب، فليس لنا شعب يمكن أن يغير الوضع على الأقل في هذه المرحلة، لأن هذا الشعب مغلوب على أمره، ويدفع الضريبة للدولة وغيرها، مع معاناته في الأحداث الأمنية في الشوارع، وكذلك ليس لديه أي خطط مدروسة لتخطي الأمر الواقع في البلاد.
وأيضا المراهنة على القبيلة رهان خاسر أثبت عدم جدواه، فالشعب الآن ازداد وعيا ونضجا، ومعالجة القبيلة للوضع السياسي والاقتصادي أضحت ضئيلة في النهاية، وإن ثلثا المجتمع من فئة الشباب الطامح للتغيير، وهو الذي يقدر – ولو في المستقبل المنظور – أن يحدث ثورة أخرى على النظام القبلي.
إننا نحتاج إلى نخبة سياسية معارضة مسؤولة لا يكون جل همها اعتلاء السلطة بأي ثمن ولو على حساب الثوابت الوطنية وجماجم الشعب وقيادة حاكمة واعية وذكية لا تخاطر بهذه البلاد إلى المجهول وما لا يحمد عقباه من الانزلاق إلى حرب أهلية طاحنة وتمكين الأجانب من التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد تحت أي ذريعة من الذرائع، وتستوعب الوضع بحنكة عالية، وتستفيد من الفرص المتاحة، وتمد يدها للمخالف، وتسعى إلى نجاة البلاد إلى بر الأمان.

أنور محمد ميو

كاتب وباحث صومالي مهتم بالشؤون الفكرية والتنمية والمبادئ والوحدة الوطنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى