السياسةالصومالتحليلاتمترجماتمختاراتمقالات الرأيوجهات نظر

الصومال نحو آفاق جديدة: السعي لقيادة الاتحاد الأفريقي

رشحت الصومال وزيرة خارجيتها السابقة فوزية يوسف آدم لمنصب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي. ويأتي هذا الترشيح في أعقاب إنجازات دبلوماسية رئيسية، بما في ذلك رفع حظر الأسلحة، وتأمين تخفيف عبء الديون، والحصول على العضوية في كتلة مجموعة شرق أفريقيا (EAC) علاوة علي تأمين دعم الاتحاد الأفريقي لشغل أحد مقعدي أفريقيا في مجلس الأمن العام القادم. ومن الجدير بالذكر أن هذا التطور يعمل على تعقيد المسار أمام زعيم المعارضة الكينية رايلا أودينجا، الذي يمارس ضغوطاً من أجل الحصول على تأييد مجموعة شرق أفريقيا للظفر بذات المنصب.

ويرى العديد من المراقبين أن ترشيح الصومال لفوزية يوسف آدم لرئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي يبشر بتحرك كبير نحو الدفاع عن المصالح الوطنية للصومال ويشكل اختراقا إستراتيجيا على الجبهتين الأفريقية والعالمية في مواجهة سياسي مثل رايلا أودينجا، الذي ينظر إليه العديد من الأفارقة بعين الشك كشخصية استقطابية وقد تعرض لانتقادات بسبب مواقفه تجاه مختلف الدول الأعضاء. وقد أدت تصريحاته المتهورة التي أشارت إلى دول مجاورة مثل إثيوبيا وأوغندا والصومال وجنوب السودان باعتبارها “الأسوأ” في العالم إلى عاصفة دبلوماسية وهو ما يضع علامات استفهام في تعزيز التعاون والوئام الإقليميين. بالإضافة إلى ذلك، فإن احتمال خروج “أودينجا” من السياسة الكينية يثير تساؤلات حول التأثير المحتمل على حزبه والسياسيين الشباب، مما يشير إلى احتمال عدم الاستقرار المرتبط بأسلوب قيادته، خاصة فيما يتعلق بطموحاته في الاتحاد الأفريقي.

يتسم تاريخ أودينجا السياسي المثير للجدل في كينيا بالتعقيد، ومن الجدير بالذكر أن إعلان نفسه “رئيسًا للشعب” في حفل “أداء اليمين” المثير للجدل بعد خسارته في الانتخابات الوطنية يتحدى شرعية قرارات اللجنة الانتخابية المستقلة – وهو التصرف الذي انتقدته مفوضية الاتحاد الأفريقي، وهي المؤسسة نفسها التي يرغب قيادتها ا الآن. إن هذا الواقعة تنبئ على أنه لا يمكن التنبؤ بردود أفعاله غير القانونية، ويشير تاريخه أنه اعتاد في التشكيك بنتائج الانتخابات، والذي يتراوح من مزاعم التزوير إلى التهديد بالعنف، إلى نمط من السلوك يثير المخاوف بشأن مدى ملاءمته لدور يتطلب الحياد الدبلوماسي والاستقرار. كما يلقي بظلال من الشك على ما إذا كان سيقبل نتائج عمليات التصويت في الاتحاد الأفريقي. وكانت انتخابات عام 2007، عندما أُعلن فوز الرئيس الكيني السابق كيباكي بنسبة 46% من الأصوات، بمثابة مثال واضح على ذلك. كما أعلن أودينجا، زعيم المعارضة آنذاك، النصر، مما أدى إلى اضطرابات مدنية أسفرت عن مقتل عدة مئات من الأشخاص وتشريد ما يصل إلى 600 ألف شخص. ولعل سلوك أودينجا الأكثر إثارة للجدل وغير الأفريقي هو دعوته إلى استقلال أرض الصومال. وهذا الموقف لا يتحدى سيادة الصومال وسلامته فحسب، بل ينعكس أيضًا بشكل سيء على فهمه لحساسية القضية. علاوة على ذلك، فإنه يظهر تجاهله الواضح لمواثيق الاتحاد الأفريقي والمبادئ التأسيسية الأساسية التي وضعها الآباء المؤسسون للمنظمة. وبالنسبة للصومال، فإن المخاطر أعلى قليلاً، حيث أن قيادة مفوضية الاتحاد الأفريقي في هذه الجولة يمكن أن تؤثر على الاستقرار السياسي للبلاد، وسيادتها، واستراتيجياتها الجيوسياسية. ويعبر طلب الصومال لعضوية آدم بوضوح عن المطالبة بقيادة الاتحاد الأفريقي التي تجسد العدالة والشمولية والفهم العميق للتحديات والفرص المتنوعة بين الدول الأعضاء.

إن ترشيح رايلا أودينجا لرئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، ودعمه الصريح لاستقلال أرض الصومال، واقتراحاته المثيرة للجدل بشأن قيام الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بتيسير ما وصفه بـ “الطلاق” بين الصومال وأرض الصومال، يثير مخاوف كبيرة. وهذا أمر مهم بشكل خاص بالنظر إلى مذكرة التفاهم غير القانونية الأخيرة بين إثيوبيا وأرض الصومال، إلى جانب بعض الدعوات الإقليمية لحلول بقيادة أفريقية. إن هذه القضايا، إلى جانب تقرير تقصي الحقائق غير المدروس وغير التقليدي الذي أصدره الاتحاد الأفريقي في عام 2005 بشأن أرض الصومال وزيارة أودينجا اللاحقة، تسلط الضوء على التعقيدات الجيوسياسية التي يواجهها الصومال. فضلاً عن ذلك فإن مشاركة الرئيس النيجيري السابق أولوسيجون أوباسانجو في حملة رايلا، مع الدور الذي لعبه كرئيس لمؤسسة برينثرست (Brenthurst) التي تتخذ من جنوب أفريقيا مقراً لها، وهي شركة ضغط ومركز أبحاث يمارس الضغوط من أجل أرض الصومال، تضيف طبقة من التعقيد، وتثير المخاوف. وقد أثارت أفعاله، التي يُنظر إليها على أنها تقوض سيادة الصومال، انتقادات بالفعل. ويمتد الدعم الذي يحظى به أوباسانجو إلى ما هو أبعد من التأييد؛ فهو يقوم بحملة نشطة لصالح رايلا أودينجا، مما يتشابك تأثيره مع المشهد السياسي.

وتعد مشاركته النشطة مهمة، خاصة بالنظر إلى أن مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي نظر في نشر أوباسانجو للتوسط بين إثيوبيا والصومال وسط التوترات الناجمة عن مذكرة التفاهم غير القانونية بين إثيوبيا وأرض الصومال، والتي تصر الصومال على ضرورة إبطالها قبل البدء في أي حوار حيث تسببت مذكرة التفاهم هذه في تمزق العلاقات الإثيوبية الصومالية، مما أدى إلى الطلب من السفير الإيثوبي مغادرة مقديشو، وإغلاق قنصليتين إثيوبيتين في هرجيسا وغروي، واستدعاء سفير الصومال من أديس أبابا للتشاور. الوضع الذي لم يتكشف بالكامل بعد؛ ويهدد تصعيده بعواقب وخيمة على كل من المنطقة المجاورة والبلدان المطلة علي البحر الأحمر، وعلى هذا فإن الدور المزدوج الذي يلعبه أوباسانجو كمبعوث للاتحاد الأفريقي ومدافع عن أودينجا يثير تساؤلات حول التحيزات المحتملة وتأثيرها على النهج الذي يتبناه الاتحاد الأفريقي في التعامل مع قضايا القرن الأفريقي، بما في ذلك الخلاف بين الصومال وإثيوبيا.

ويصبح هذا السياق أكثر أهمية مع الانسحاب المقرر لقوات الاتحاد الأفريقي من الصومال، مما يضع البلاد على مفترق طرق محوري. ويؤكد على ضرورة تعيين رئيس لمفوضية الاتحاد الأفريقي يتمتع بفهم دقيق للتعقيدات التي ينطوي عليها الأمر، بما يضمن ليس فقط الأمن والاستقرار الدقيقين في الصومال خلال هذه الفترة الحاسمة ولكن أيضًا أمن المنطقة بأكملها. على هذه الخلفية وبالنظر إلى الحاجة إلى رئيس للاتحاد الأفريقي يضمن معاملة عادلة لجميع الدول الأعضاء، تبرز فوزية يوسف آدم كمرشحة تحظى بالإجماع، وتقدم نفسها كخيار قيادي كفؤ ومنصف. ويجسد ترشيحها دعوة الصومال إلى انخراط الاتحاد الأفريقي في السياسة الإقليمية بنزاهة، ويعالج كافة المخاوف، بما في ذلك السيادة والسلامة الإقليمية لجميع الدول الأعضاء.

إن فوزية يوسف آدم، بخلفيتها المهنية كوزيرة خارجية سابقة، ودبلوماسية ذات خبرة، ومشرعة محنكة، تجسد المرشح الأكثر قدرة على البقاء في أفريقيا لعضوية مفوضية الاتحاد الأفريقي حتى الآن. تعتبر خبرتها الدبلوماسية الواسعة ضرورية لتوجيه الاتحاد الأفريقي نحو مستقبل يتسم بالتعاون والعدالة. علاوة على ذلك، يسلط ترشيح فوزية الضوء على التزام الصومال الثابت بتعزيز نفوذها داخل الاتحاد الأفريقي، ومناصرة مُثُل السلام والوحدة والازدهار، مع حماية سيادتها بدقة على خلفية ديناميكيات إقليمية معقدة. إن انتخاب الرئيس القادم لمفوضية الاتحاد الأفريقي يمثل لحظة فاصلة، تعكس توجهات الاتحاد الأفريقي نحو تطلعات شعوبه وتبديد المخاوف الجماعية للدول الأعضاء. وتتيح هذه الفترة للاتحاد الأفريقي فرصة لإعادة الالتزام بالحياد والوحدة والمساواة في السيادة بين أعضائه.

وفي الختام، فإن ترشيح فوزية يوسف آدم يشكل استجابة استراتيجية للتحديات التي تفرضها قيادة رايلا أودينغا المحتملة، نظراً لماضيه المضطرب وتاريخه الحافل بالخلافات. إن ترشيحها يناصر أسلوباً قيادياً قادراً على توجيه الاتحاد الأفريقي نحو مستقبل تشعر فيه كل دولة عضو بأنها ممثلة تمثيلاً عادلاً. وعلى هذا فإن حملة الصومال من أجل آدم تمثل جهداً بالغ الأهمية، وتؤكد على جوهر ما ينبغي للاتحاد الأفريقي أن يجسده في عصر يتسم بالتعقيد والانقسام المتزايدين.

إقرأ المقال الأصلي من خلال هذا الرابط:

https://wardheernews.com/somalia-towards-new-horizons-the-quest-for-au-leadership/

 

محمد حاج

كاتب دبلوماسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى