المرأة الصومالية: قوة تغيير في الرأي العام ثقافيا
تساهم المرأة الصومالية بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة بمساهمات ثقافية مقدرة من خلال كتابة مقالات الرأي على المواقع الإلكترونية الإخبارية، مواقع التواصل الاجتماعي، الصحف، والمجلات ولكن هناك تساؤل يتم تداوله كثيرا ضمن فئات معينة من شرائح المجتمع تتمثل بضرورة معرفة أهمية وفائدة مشاركة المرأة الصومالية في مقالات الرأي الواسعة الإنتشار وما الذي تضيفه المرأة الصومالية عبر مقالات إبداء الرأي؟!
بداية مقال الرأي هو بحث انشائي قصير ونوع من أنواع الكتابة والإبداع الأدبي الذي يتسم بالموضوعية وسلاسة الأسلوب ووضوح وبساطة اللغة التي أحيانا ما تكون بالعامية وتعمل على جذب القراء، وهو وسيلة تظهر فيه المرأة براعة اكتشاف قواعدها الفكرية ومضمون تصورها الذهني المستقل اتجاه موضوع، موقف،ظاهرة،مشكلة أو حتى كتاب قامت بقرائته وذلك لتقديم تقدير وحكم مبني على ما تراه صحيحا، اعتقادها وقناعتها الذاتية بالاعتماد على ما يستنبطه عقلها خلال ظروف والملابسات والأحوال الاجتماعية وقدرتها على تفسير الحقائق والتحليل والتفكير النقدي .
كتابة المرأة الصومالية لمقالات الرأي تساعدها على الخوض في أفكارها الشخصية والتوصل إلى استنتاجات فكرية أصيلة وتقديم آرائها بشفافية ومنطقية وتنمية مهاراتها الكتابية مما يحفزها على الخروج من القوقعة المنحصرة والمقيدة فكريا التي يتم حصارها بها من قبل اولائك الذين يسعون إلى التحكم بالعقول وتحديد الأفكار والأولويات للآخرين، لتقوم المرأة باستخراج المكنون من الإبداعات و المواهب الفكرية التي تملكها وتشاركها ليس مع مجتمعها فقط ولكن مع العالم الذي يتوق إلى ابتكارات فكرية جوهرية، وعالم القراء الذي يقدر ويحترم الفكر الجديد ويشجع عليه ويهتم كذلك بالعمل والأخذ به.
هل يحدث رأي المرأة… فارقاً
مقالات الرأي التي تساهم بها المرأة الصومالية لا تشبه الخطابات بأنواعها فهي على العكس تماما وتنطلق من فرضية غير إعتيادية ومختلفة عن تلك التي في الخطابات التي دائما ما تحاول فرض مبادئ السلطة والقوة لسيطرة على العقول وتحكم بافعال الآخرين بتقديم أفكار احادية، في حين أن مفادها الأساسي هو جذب الناس لفكرة او مسألة معينة لنقاش وإيجاد الحلول بطريقة تسمح للمشاركين في هذه العملية على التفكير والتعبير،النقد البناء،إظهار الإعجاب نحو كل ما يثير اهتمامها أو فضولها، وتجسيد المرأة الصومالية لهذه المعاني والدلالات والأفكار إلى ألفاظ ونصوص متناسقة و محاولة بثها عبر مقالات الرأي بثا مثيرا لاهتمام وحذقا.
ولرأي المرأة الصومالية فارق لا يمكن الاستخفاف والاستهانة به تسطرها عبر سطور قليلة موجزة فمثلا تُعد زهرة مرسل ونجح أدم فارح من أبرز الوجوه الأدبية في الصومال فبرواياتهما وقصصهن، أثرتا المشهد الثقافي الصومالي وأسهمتا في تشكيل هوية أدبية جديدة للمرأة الصومالية،رواية “أجوران عين إفريقيا” لزهرة مرسل تعتبر علامة فارقة في الأدب الصومالي، أما نجح أدم فارح فاستطاعت في روايتها الأولى أن تتطرق إلى قضية حساسة مثل تبيض البشرة، مما أثار حوارا مجتمعيا مهما حول معايير الجمال . الذي
وكذلك لرأي المرأة الصومالية فكرة ومضمونا مختلفا يساهم في التأثير بالمجتمعات بطريقة إيجابية من خلال :
▪︎ نشر وزيادة الثقافة والقيم الأخلاقية .
▪︎ تسليط الضوء على المشكلات الاجتماعية والسياسية والفكرية.
▪︎ توعية وتنبيه لقضايا حقوق الإنسان ولفت النظر لها ومطالبة بحقوق الأفراد والمجتمعات المهمشة والدفاع عنهم ضد من يسلبهم كرامتهم.
▪︎ نشر المبادئ والمفاهيم الإنسانية بين الثقافات ومجتمعات المختلفة.
▪︎ وسيلة سلمية تعتمدها المرأة الصومالية للمقاومة الفكرية ضد القمع والاستبداد الذي تمارسه الانظمة السياسية الجائرة بتقديم معلومات نزيهة ودقيقة ومدعومة بالحجج والبراهين ،الآراء الصادقة التي تعبر عن موقف جماعي لمجموعة مستضعفة مستبدة تطالب بحقوقها الشرعية المتجاهلة والمهمشة .
▪︎ الدفاع عن المرأة ومحاربة الظواهر الإنحرافية التي كثيرا ما تنسب إليها من غير مبررات، غالبا تكون ناجمة ضيق الأفق الفكري وعدم القدرة على تقبل إختلاف وإمكانية المرأة على اتخاذ مواقف ووجهات نظر مغايرة، وخروجها من المحددات الإجتماعية سواء كانت إيجابية أم سلبية وعدم التقيد بها وذلك لقدرتها على اكتساب محددات أخرى وتنقيع تلك المحددة واختيار المناسب منها فقط . تناول موضوعا ي غاية الأهمية متمثلا في تبيض البشرة للنساء
الآراء والقناعات الشخصية ليست بحاجة لحماية القانون وليس هناك حدود لا تستطيع تجاوزها فهي مباحة متاحة للجميع لتواصل وتفاعل فعال بين المجتمعات وتمكين وتوفير وسائل الثقافة بينهم لذلك مقالات إبداء الرأي التي تشارك بها المرأة مهمة جدا لتغيير الكثير من السلبيات في المجتمعات المختلفة واحداث تغيرات جذرية ذات فائدة كبيرة عليهم بشكل خاص والعالم بشكل عام.
إبداء المرأة الصومالية لرأي يندرج أولا ضمن مبدأ حرية التعبير،و ثانيا ضمن مبدأ حرية الفكر اللذان يعتبران حق أساسي من حقوق الإنسان كما هو مدون في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على أن حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها واذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية، ومن ها هنا نلاحظ أن مقدرة المرأة المساهمة وتقديم الأفكار والآراء هو في الأصل حق مشروع دوليا وعالميا هدفه الأساسي هو تعزيز المرأة والمشاركة في جميع العمليات ذات الأبعاد السياسية والإجتماعية لزيادة مساعدة النساء لاكتساب مهارات تعليمية وتثقيفية مهمة تساعدهم على معاينة وعرض رؤى متنوعة ومعلومات تساهم على حياة أفضل لهم داخل مجتمعاتهم وبلدانهم.
تعد مساهمة المرأة الصومالية الكبيرة في هذا النشاط فرصة لجميع النساء الأخريات الراغبات في إبداء آرائهم ومشاركة طموحاتهم الشخصية وتجاربهم لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة العامة ومساعدة الكثير من النساء حول العالم لزيادة الآفاق الإدراكية والفكرية ،القدرة على تبني مواقف وتصورات جديدة ومختلفة والتعبير عنها بحرية،دعم بعضهن لإنجاز ما هو أفضل لهن ولمجتمعاتهم،وتأكيد انه باستطاعتهم ذلك دون تعرضهن لأي هجوم مباشر ام غير مباشر.
في الختام، نحن نعيش في عالم متغير بإستمرار، يكثر فيه الأشخاص الذين يأخذون القيمة من كل شيء قيم ويحاولون بشتى الطرق دحض أهمية التعليم،التفكير وتقديم وجهات النظر المتنوعة والمختلفة وقبولها أو حتى على أقل إحترامها،لذلك وجب توضيح وتوعية وإثارة الإنتباه لأهمية تحقيق فرص متكافئة بين الجنسين وتذويب سيطرة وتخصيص نوع واحد في مجال إبداء الآراء بعدم بسط السلبية وابراز قدرة النوعين على التفنن في طرح المواضيع ومناقشتها بأساليب وفنون مختلفة ليتجاوب معها الجميع،زيادة مساهمة المرأة الصومالية في جميع مجالات الرأي المتوفرة وليس فقط مقالات إبداء الرأي لإحداث التأثير بالمجتمعات ودعم ثقافة إحترام وتقبل الآراء ضمن المجتمع وتعزيز أهمية وفائدة حرية الفكر والتعبير وكذلك زيادة مشاركة المرأة الصومالية وتشجيعها للخوض وتعلم والإبداع في المجالات الكتابية، الأدبية والإعلامية .