السياسةالصومالالقرن الأفريفيتحليلاتمقالاتمقالات الرأيوجهات نظر

الوجود المصري في الصومال يثير حفيظة إيثوبيا

 

المقدمة

تتمتع العلاقات المصرية الصومالية بتاريخ طويل يمتد إلي آلاف السنين ، يتسم بتفاعل عميق في مجالات الثقافة والاقتصاد والسياسة ،حيث تقع الصومال في موقع جيوسياسي استراتيجي يجعلها تحكم باب المندب، وهو ممر مائي حيوي يربط البحر الأحمر وقناة السويس بالمحيط الهندي. هذا الموقع الاستراتيجي يمنح الصومال أهمية اقتصادية كبيرة لمصر التي تسعى إلى تأمين طرق التجارة البحرية وحماية مصالحها الاقتصادية في المنطقة. ولتحقيق ذلك، تعمل مصر على دعم الاستقرار في الصومال من خلال تقديم المساعدات والتعاون في مختلف المجالات، مع التركيز بشكل خاص على مكافحة الإرهاب والقرصنة اللذين يهددان أمن المنطقة بأسرها،تعتبر القضية الصومالية قضية معقدة تتشابك فيها العديد من المصالح الإقليمية والدولية بحيث يتزايد الاهتمام الدولي بالصومال، خاصةً بعد توقيع اتفاقية التعاون العسكري بين مصر والصومال، والتي استقطبت باهتمام إقليمي ودولي وأثارت حفيظة إثيوبيا.

أسباب غضب إثيوبيا من التقارب المصري الصومالي

بشكل عام تشعر إثيوبيا بأن الحضور المصري في الصومال، والذي يأتي في ظل توترات إقليمية قائمة، يمثل تهديداً مباشراً لأمنها القومي ويهدف إلى تقويض نفوذها في المنطقة، وتسوق أديس أبابا من أن الوجود العسكري المصري سيؤدي هذه  إلى تصعيد الصراع وتقويض الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في القرن الأفريقي، وتذهب بأن هذه التحركات تهدف إلى عزلها وتقويض مكانتها الإقليمية، وتعتبر أن تحركات مصر تمثل خرقاً للقواعد الدولية وبمثابة تدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

أسباب التقارب المصري الصومالي في ظل التوترات الإقليمية

شهدت العلاقات المصرية الصومالية تطورا ملحوظا علي خلفية التطورات الإقليمية في القرن الأفريقي. ويمكن تلخيص أسباب هذا التقارب كما يلي:

  • التحديات المشتركة: القلق المشترك من تأثير سد النهضة الإثيوبي على حصص المياه يشكل تهديدا أمنيا لمصر ويؤثر على استقرار المنطقة. بحيث تواجه الدولتان تدخلات خارجية تهدد سيادتهما، مما يعزز التعاون بينهما.
  • المصالح الاستراتيجية: الصومال كممر حيوي للتجارة يتطلب تعاونا لضمان المصالح الاقتصادية، تهديدات تنظيمات إرهابية مثل حركة الشباب تدفع للتعاون الأمني وتسعى مصر لتعزيز نفوذها في المنطقة من خلال شراكتها مع الصومال.
  • السياسات الإثيوبية العدوانية: اعتبرت الصومال الاتفاق مع إثيوبيا بشأن أرض الصومال انتهاكا لسيادتها، مما دفعها للبحث عن حلفاء وتوسع إثيوبيا يثير المخاوف لدى الجوار، بما في ذلك مصر والصومال.
  • الدور المصري الإقليمي: تسعى مصر لاستعادة دورها كقوة مؤثرة في إفريقيا، والصومال شريك مهم في ذلك،تعزز مصر علاقاتها مع الدول الأفريقية لبناء تحالفات لمواجهة التحديات.

إجمالا يمكننا القول بأن التقارب المصري الصومالي يعكس حالة من الاستجابة للتحديات المشتركة والمصالح المتبادلة، إضافةً إلى السياسات الإثيوبية، مما يؤثر على توازن القوى في المنطقة.

زيارة الرئيس الصومالي إلى مصر: خطوة حاسمة في تعزيز الشراكة الاستراتيجية

تُعد زيارة الرئيس الصومالي إلى مصر خطوة حاسمة في تعزيز العلاقات الثنائية وفتح آفاق جديدة للتعاون الاستراتيجي، مما يساهم في تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة، كما تعكس هذه الزيارة الطموح المصري في تعزيز دوره القيادي في القرن الأفريقي وتوسيع نطاق تأثيره الإقليمي ومن المتوقع أن تساهم هذه الشراكة في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وفتح آفاق جديدة للاستثمار والتجارة، وتقريب وجهات النظر بين الدول الشقيقة.

الخاتمة:

يشهد القرن الأفريقي تحولات عميقة تؤثر على العلاقات بين الدول، وتدفعها إلى بناء تحالفات جديدة لمواجهة التحديات المشتركة،ويأتي تعزيز العلاقات الصومالية المصرية -التي تعود إلى جذور تاريخية عميقة -في ظروف دقيقة تمر بها منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر لتنطلق اليوم إلي مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي مدفوعة بمجموعة من العوامل المتداخلة، هذا التقارب يمثل استجابة للظروف الإقليمية المتغيرة، ويساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون في مختلف المجالات.

ليلى جامع

باحثة وكاتبة صومالية مهتمة بشؤون المرأة والسياسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى