الأخبارالتقرير الأسبوعيمقالات

دلالات تعيين جيمس إسوان ممثلا للأمم المتحدة في الصومال

مقدمة

عين الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنتونيو غوتيريس ممثله الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة في الصومال للدبلوماسي الأمريكي السفير جيمس إسوان؛ ويحتاج القرار إلى موافقة مجلس الأمن الدولي ليصبح نافذا، ويأتي بعد ستة أشهر تقريبا من طرد المبعوث السابق السفير نيكولاس هايسوم من الصومال لتدخله في الشؤون الداخلية للبلد، وقيامه بتجاوزات خطيرة تخالف الأعراف الدبلوماسية، وتمس سيادة البلاد واستقلالها، وفق بيان لوزارة الخارجية الصومالية.

ملابسات طرد هايسوم

في ١ من شهر يناير من العام الجاري 2019، أصدرت الحكومة الصومالية قرار اعتبر المبعوث الأممي للصومال نيكولاس هايسوم -الذي لم يمض سوى أربعة شهور تقريبا على توليه هذا المنصب- شخصا غير مرغوب فيه، جاء هذا القرار بعد رفع المبعوث الأممي مذكرة إلى وزير الأمن الداخلي الصومالي محمد أبوكر إسلو، يطلب فيها توضيحات حول ملابسات اعتقال الشيخ مختار روبو علي الملقب ب ” أبو منصور” -وهو قيادي منشق عن حركة شباب المجاهدين – الذي كان مرشحا لحاكم ولاية جنوب غرب الصومال، واعتبرت الحكومة ترشحه مخالفا للشروط التي أبرمها بعد استسلامه للحكومة الفيدرالية؛ فقامت القوات الأمنية الصومالية باعتقاله مما تسبب باندلاع احتجاجات في مدينة بيدوا المركز المؤقت لولاية جنوب الغرب أسفرت عن مقتل 15 شخصا واعتقال ثلاثمائة آخرين من قبل أجهزة الأمن.

وفي مقابلة للتلفزيون الوطني، كشف وزير الخارجية الصومالي أحمد عيسى عوض أن المبعوث الأممي قام بتجاوزات من بينها إلصاق تهم باطلة لجهات رسمية وإرسالها إلى المجتمع الدولي دون التواصل مع القنوات الدبلوماسية ؛ حيث كان يتعين عليه – كغيره من الدبلوماسيين- الاتصال بوزارة الخارجية الصومالية بما يحتاجه من الهيئات الحكومية الأخرى، إضافة إلى إعطاء أوامر و إملاءات إلى بعض المكاتب الحكومية؛ كما لو أنه الحاكم الفعلي للصومال. وأضاف عوض “لم يكن مقبولا أن يستجوب وزراء الحكومة ويأمر ويستفسر أو يطلب توضيحات، وهذا التصرف غير اللائق مناف لسيادتنا، ولم يكن باستطاعتنا تحمله” وتابع أن قرار الطرد قد اتخذ بعد نفاد صبر الحكومة، وكان بعيدا عن التسرع والعاطفة، مؤكدا على حق الحكومة الفيدرالية باعتبارها دولة ذات سيادة ومستقلة بقرارها السياسي في طرد أي شخص ينتهك السيادة الوطنية.

دلالات تعيين جيمس أسوان

يعتبر جيمس إسوان دبلوماسيا مخضرما تقلد العديد من المناصب في الخارجية الأمريكية، وأصبح سفير الولايات المتحدة في جيبوتي والكونغو الديمقراطية، إضافة إلى أنه كان مبعوث الولايات المتحدة للصومال إبان المرحلة الانتقالية، ويعتبر ثاني ممثل أمريكي للأمم المتحدة في الصومال بعد الجنرال جوناثان هاو في عامي١٩٩٣/٩٤.

يأتي تعيين جيمس إسوان بعد دراسة وطول تفكير؛ حيث حرص الأمين العام للأمم المتحدة أن يأتي المبعوث هذه المرة من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن حتى يتمتع بالنفوذ والسلطة الكافية لممارسة مهامه المنوطة به.

 الحضور الأممي والتنافس الأوروبي الأمريكي

أنشأ الأمين العام مكتب السياسي للأمم المتحدة في للصومال (UNPOS) في 15 أبريل 1995 لمساعدته على النهوض بالسلام والمصالحة من خلال الاتصالات مع الزعماء الصوماليين والمنظمات المدنية والدول والمنظمات المعنية، لاحقا أنشأ مكتب بعثة الأمم المتحدة لمساعدة الصومال المعروفة اختصارا ” UMSOM” بقرار مجلس الأمن رقم 2102 بتاريخ 3 يونيو 2013 وتم تجديد التفويض عددا من المرات آخرها 2019 وينتهي في 31 مارس 2020 .

معروف أن الساحة الصومالية كانت حكرا للأوروبيين في السنوات الأخيرة؛ حيث تعاقب الأوروبيون والأفارقة على المكتب؛ وذلك بعد فشل التدخل الأمريكي في الصومال في عام 1994 الذي ترك الساحة للأوروبيين الذين تعاقبوا على تمثيل المجتمع الدولي في الصومال وتخللها آخرون محسوبون على الأوروبيين وآخرهم نيكولاس هايسوم الجنوب الأفريقي الذي اعتبرته الحكومة الصومالية غير مرحب به في البلاد، ويبدو أن أمريكا تريد أن تلعب دورا حيويا في الصومال من الآن فصاعدا من خلال مواطنها الممثل الخاص للأمين العام ورئيس مكتب الأمم المتحدة لمساعدة الصومال.

الخلاصة

بعد فترة من التجاهل التام واللامبالاة تعتقد الولايات المتحدة أنه حان الوقت المناسب للعودة إلى الصومال والانخراط في جهود جلب الأمن والاستقرار نظرا لعدة متغيرات متلاحقة في الآونة الأخيرة، والتحولات في دول القرن الأفريقي وخاصة إثيوبيا وإرتريا والسودان، كلها مؤشرات وإرهاصات بدخول عصر جديد ستنخرط الولايات المتحدة مع الصوماليين مباشرة دون وسطاء ووكلاء، وما تعيين جيمس إسوان ممثلا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة إلا تأكيدا لهذا الاتجاه بعد تعيين دونالد ياماموتو سفيرا للولايات المتحدة للصومال، إن الحضور الأمريكي للصومال سيزيد من التمثيل الدبلوماسي في الساحة الصومالية الذي ينمو باطراد منذ طرد حركة الشباب من العاصمة في أغسطس عام 2011 ، وقد يكون لذلك انعكاسات إيجابية أثناء فترة الرئيس محمد عبد الله فرماجو المتجاوب مع السياسة الأمريكية في المنطقة باعتباره يحمل الجنسية الأمريكية وعاش في أمريكا خلال العقدين الماضيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى