مقدمة
يصادف اليوم الذكرى ال30 لإعلان صوماللاند فك الارتباط من جانب واحد في مثل هذا اليوم من عام 1991 وعادة ما تحتفي به أكثر مما تحتفل باستقلالها الفعلي في 26 يونيو 1960 اذ لم يدم ذلك الاستقلال سوى 4 أيام لتتحد طوعا مع بقية اجزاء الصومال،ورغم تحقيق صوماللاند الأمن والاستقرار في مناطقها مقارنة مع بقية أجزاء البلاد وطيلة 30 عاما إلا أنها فشلت في الاعتراف الدولي الذي لم تدخر جهدا وبابا إلا طرقته دون أن تلوح في الأفق بوادر تدل على تحقيق ذلك المسعى.
خلفية تاريخية
الصومال الكبير؛ يقصد بالصومال الكبير كل الأراضي المتصلة التي يسكنها الصوماليون بغض النظر عن الدولة التي تتبعها هذه الأرض حاليا وهي بالتحديد المنطقة في القرن الأفريقي التي تضم في الوقت الراهن الصومال، وجيبوتي، وجزء من إيثوبيا، وكينيا. في عام 1960 توحد الجزء التي احتلته بريطانيا والمعروف بأرض الصومال الذي نال استقلاله قبل 4 أيام من الجزء الذي احتلته إيطاليا في 1 يوليو 1960 طوعيا في ظل السعي لاستعادة كل الأراضي الصومالية التي تخضع للاحتلال الأجنبي.
إن تحقيق الوحدة هي رؤية وحلم قومي راود الصوماليين تحت راية وعلم واحد في دولة الصومال الكبير التي قسمها الاحتلال الغربي إلي خمسة أجزاء وهي الصومال الإيطالي والصومال البريطاني والصومال الفرنسي ” جيبوتي ” والصومال الغربي ” أوغادين” في إيثوبيا وإقليم الحدود الشمالية الشرقية المعروف ب NFD في كينيا، والسعي لتحقيق هذا الهدف أدخل الصومال في أتون صراع وحرب مع إثيوپيا على منطقة الصومال الغربي ” الأوغادين” وكذلك دعم الثوار الصوماليين في حرب شيفتا ضد كينيا.
الانفصال أو فك الارتباط
في عام 1991 وبعيد انهيار نظام محمد زياد بري أعلنت صوماليلاند من جانب واحد انفصالها عن الصومال متعذرة بأن الوحدة بخست قيمتها ولم تجلب لها سوى المشاكل حيث لم يتم احترام مبادرتها للوحدة وبحسب وجهة نظرها فقد فكت ارتباطها عن الصومال واستعادت استقلالها ليعود كل شيء كما كان. يرى الأستاذ ليبان عيسى، الكاتب والمحلل السياسي لشؤون شرق أفريقيا أن هذه القضية تعتبر صراع سياسي بحت بين إرادات سياسية متعارضة، “الوحدة مقابل فك الإرتباط السياسي”،. وتستخدم فيه العديد من الأدوات السياسية والإقتصادية والإجتماعية، تتراوح بين المرونة والخشونة حسب الاوضاع والمستجدات. ويأتي العامل العسكري في مؤخرة سلم هذه الأدوات في صراع الطرفين.ومع وجود عدم تكافؤ متزايد في أدوات الصراع بين الجانبين، لصالح الحكومة الفيدرالية، نتيجة لإمتلاكها الأهلية السياسية والقانونية، مع غياب شرعية مماثلة لصوماليلاند، لإن المسعى الإنفصالي هو دوما مشروع سياسي غير شرعي يسعى لتغيير قواعد الشرعية السياسية لصالحة في أدبيات الدول الأفريقية.ولمواجهة عدم التوازن في أدوات الصراع يرى الاستاذ ليبان أن الفاعل السياسي في صوماليلاند يستخدم خطاب سياسي شعبوي عنيف، لتجييش عواطف الجماهير، وإثارة مشاعرها تجاه الحكومة الفيدرالية في مقديشو. مع التأكيد على رفع معنويات الجماهير، عن طريق تقليل مخاطر التهديدات الداخلية، نتيجة للصراع السياسي بين الأحزاب السياسية، وطمأنتهم على مناعة الجبهة الداخلية تجاه التدخلات الخارجية. بغض النظر عن صدق هذا الإدعاء من عدمه.
المفاوضات بين إدارة صوماللاند والحكومة الفيدرالية
جرت جولات تفاوض بين الحكومة الفيدرالية وصوماليلاند في كل من دبي ولندن واسطنبول وجيبوتي لم تسفر عن شيء؛وموخرا دخلت على الخط وساطة قطرية ولكن المراقبين لا يعولون عليها كثيرا إذ يتمسك كل طرف بوجهة نظره، الحكومة الفيدرالية تعتبر التفريط بإي جزء من البلاد خيانة عظمى وبمثابة انتحار سياسي لمن يقدم على خطوة من هذا القبيل بينما ترى صوماليلاند الوحدة خطا أحمر وشهادة وفاة سياسية لمسعى الاستقلال والبحث عن الاعتراف الدولي.
رحلة البحث عن الاعتراف
يرى الاستاذ ليبان عيسى أيضا أن إدارة صراع الإرادات السياسية غير المتكافئة، تتطلب من قبل الكيانات السياسية غير المعترف بها دوليا كصوماليلاند، وضع إستراتيجية متكاملة لإدارة الصراع السياسي، داخليا وخارجيا، لمواجهة شرعية المركز. لا التهديدات المرسلة التي لا تحقق هدفا سياسيا ومع موجة التوترات الجيو سياسية في المنطقة والعالم، ومساهمتها في ضعف إستقرار أركان النظام الدولي مؤخرا، وتزايد الفاعليين الإقليميين والدوليين الراغبين في إعادة تشكيل مكونات النظام الدولي الجديد. كلها عوامل تساعد الكيانات التي تسعى لنيل الاعتراف، لتحقيق أهدافها السياسية، والتموضع سياسيا وإقتصاديا وعسكريا، لإعادة فرض التوازن المفقود في صراع الشرعيات السياسية. ولكن بشرط وجود قيادة سياسية ذات نباهة ودراية سياسية تحسن التفاعل مع المستجدات السياسية على المستوى الدولي، وتطوعها لصالح أجنداتها السياسية.
ولكن يرى المراقبون من الصعوبة بمكان إن لم يكن من المستحيل أن تنال صوماللاند الاعتراف الذي تسعى إليه وذلك لجملة عوامل أهمها فشل صوماللاند باقناع المجتمع الدولي بجدوى الانفصال من طرف واحد مع تململ كثير من المكونات الاجتماعية في داخل صوماللاند نفسها من فك الارتباط فضلا عن التوجس الأفريقي من مشاريع الانفصال التي تهدد استقرار أغلب الدول الأفريقية وخاصة بعد تجربة انفصال جنوب السودان عن السودان، ومع ذلك، يرى أغلب السياسيين أن اعتراف صوماللاند في يد مقديشو كما أن مفتاح الوحدة في هرغيسا وعند إدراك هذه الحقيقة وبعيدا عن المناكفات السياسية والمواقف المرحلية فإن الحل قريب سواء بالوحدة أو فك الارتباط.