كيف نغرس الرّوح الوطنية في شبابنا؟
حب الوطن هو الإحساس بالهوية الوطنية وانتماء فريد وتضحية وفداء ووفاء، لا يمكن التعبير عنه بشعارات براقة أو ألحان سيمفونية أو كلمات منقوشة على الجدران والميادين، إنه أسمى من ذلك وأعمق يمكن غرس قيمه في نفوس الناشئة وربط أبناء الوطن بدينهم وتراثهم، وتربيتهم على التمسك بالتعاليم الإسلامية مع الحفاظ على هويتهم الوطنية. وقبل الخوض في ماهية الوطن والوطنية والمواطنة سأحاول تحرير المصطلحات حتى أزيل التساؤلات التي تتبادر إلى الاذهان؛ فقد لا يحمل الكل نفس الفكرة عن هذه آل مصطلحات عن الوطنية والانتماء:
الوطن هو: البيت الكبير والركن الواسع، والأرض الرحبة التي تستريح فيها النفس وتأوى اليه الروح.
الوطنية هي: التعلق والحب والولاء للوطن وتتضمن على مفاهيم كثيرة مثل: الانتماء والارتباط والتضامن.
المواطن هو: الشخص الذي يحبّ بلاده وينتمي إليه ويصون سلطته ويحافظ على قوانينه ويدفع هذا الحب إلى التضحية من أجل الوطن.
إن مفهوم حب الوطن، هو ذلك المفهوم العملي الواقعي الذي يتجاوز الشعارات البراقة والأناشيد الحماسية والخطب الرنانة التي تدغدغ مشاعر الجماهير، فأعظم هدية نقدمها للوطن، تتمثل في ذلك الانتماء الذي يتعدى حدود الذات ومصالحها إلى التضحية بكل دقيقة، وبكل حواسنا ومشاعرنا في سبيل بنائه وتنميته؛ إن روح الوطنية والولاء للوطن أغلى وأسمى معاني الانتماء التي تجعل من هذا الوطن إحدى مقدسات الحياة التي نبذل الغالي والنفيس فداء له.
وفي تاريخنا المجيد نماذج وأمثلة حية في شباب ضحوا بالنفس والنفيس من أجل الوطن.
نأخذ مثلا وحدة الشباب الصومالي، لقد تمّ تأسيس هذا الحزب في مايو عام 1943. وقد أسسه 13 صومالبا من فئة الشباب، كانت روح الوطنية تشعل قلوبهم وتدفعهم للقضاء على المستعمر الغاصب وكان سعيهم حصول الشعب الصومالي ونيل الحرية التي تجعلهم يمارسون حقوقهم من أجل استغلال ثروات البلد وفاهية الشعب.
وكانت أهدافهم كالتالي:
1. تحرير الصومال والاستقلال التام
2. تصفية كافة أشكال الاستعمار في الوطن.
3. توحيد أجزاء الصومال تحت راية واحدة.
4. إلغاء التعصب القبلي والتميز الديني ونبذ التفرق.
5. مراعاة حقوق الصوماليين ورفع مستوى تعليمهم ونشر الأفكار الحديثة بينهم.
حب الوطن أمر فطري واحساس جبلي فان حبنا للوطن أصبح مقصورا على الأغاني الوطنية والمشاعر والأحاسيس التي تنسى خلال أيام. وكثر في مجتمعنا من ينتمي إلى الوطن ولكن يتآمر عليه بالتعاون مع أعدائه وخيانة الأمانة و ممارسة الفساد. لعلّ بعضنا قرأ قصة نابليون ورفضه مصافحة أحد الخونة لوطنه والمتعاون مع جيشه حينما قدم الرجل ليتسلم حصته من المال وكان نابليون يسلمها بنفسه وقد مدّ يده ليسلم على القائد الفرنسي الذي قال له “خذ حفنة المال مكافأة لك” أما يدي فلا تصافح من يخون بلده. هكذا فعل القائد الفرنسي لأنه يعتقد أنّ الوطن “هو الشرف والعرض والعهد الماضي والمستقبل وكلّ شيء” ومن يتنازل عن هذه المبادئ ويسيل لعابه لحفنة من الدراهم أو ينجرف خلف شعارات الأعداء خدمة لأهدافهم ويبيع انتماءه لبلده ودينه ومجتمعه بأبخس الاثمان فهذا لا يستحق العيش فوق ثراه.
وقال ابن الرّومي في حبّ الوطن:
ولي وطن آليت ان لا أبيعه***** وأن لا أرى غيري له الدهر مالكا
غرس الوطنية في نفوس الشباب:
حبّ الوطن ليس فقط كلمات ننظمها ومشاعر نعبّر عنها أو أحاسيس ودموع نجهش بها وصفحات تعبير نكتبها لأبنائنا في المدارس أو أغاني نلقيها في أعياد الوطن. إنما هو سلوك وافعال نقوم بها لنثبت انتماءنا الشديد للوطن. إن الواجب على الآباء والمرّبين زرع حبّ الوطن للأولاد والحديث عن محاسن الوطن وجوانبه المشرقة في التاريخ؛ فكلما تربى الطفل على حبّ وطنه كان مواطنا صالحا في المستقبل يشارك في بناء التنمية والازدهار. ومن مظاهر وخطوات غرس الروح الوطنية في نفوس الشباب:
– المحافظة على ممتلكات الدولة والمال العام : الحفاظ على ممتلكات الدولة يسهم في التنمية وبناء الاقتصاد والبنية التحتية التي تساعد في استقرار أوضاع الناس وبه يتحقق التكافل الاجتماعي بين أبناء الوطن، وبسببه تتوفر أسباب القوة ووسائل الدفاع عن الوطن.
_ التعليم : من خلال اعداد جيل متعلم ومثقف يعرف مسؤولياته ويدرك التحديات والمخاطر المحدقة به فلا يتهاون مع المهددات ولا يتقاعس عن الواجبات الوطنية.
_ تحقيق الوحدة والترابط بين أبناء الوطن : وذلك بتغليب لغة الحوار عند النزاعات ووأد الفتنة الداخلية والقضاء على مسبباتها.
_ الإعلام : للأعلام دور حيوي في زيادة الوعي الوطني دوره الإيجابي بنقل صورة جميلة عن محاسن الوطن وتشكيل الرأي العام وحشده لحماية مكتسباته عبر التاريخ.
_ المحافظة على نظافة الوطن: فهي لبّ الوطنية، والحكمة تشير بأن معنى الوطنية تكمن بأن لا نلقي القاذورات والفضلات وزجاجات العصير وبقايا الطعام في الشارع.
وبهذه الخطوات نبني جيلا يعي مسؤولياته ويضحي من أجله كل ما يملك وينقل عن وطنه صورة ناصعة تغير ما شاع بين الأمم وما ألصقه بنا كلّ حقود يتربص بنا سوء،
وهذا واجب كاّي فرد بدءا من الأسرة مرورا بالمدرسة والمعاهد والجامعات والإعلام ووصولا الى من بيده القرار.