السياسةالصومالتاريخ وشخصياتمقالاتمقالات الرأيوجهات نظر

لهذه الأسباب انتخبو سعيد عبد الله دَنِي

في الخامس عشر من شهر مايو/أيار الجارى، ستجرى الانتخابات الرئاسية التي ستسفر عن هوية الرئيس العاشر للجمهورية والذي نأمل أن يكون بقدر المسؤولية وتحدي المرحلة وذلك عقب مخاض عسير استمر عام ونصف، بسبب فشل إدارة الرئيس فرماجو بتنظيم الاستحقاق الانتخابي للعام 2020-2021م في موعدها المقرر في 8 فبراير 2021 للانتخابات الرئاسية ومحاولته التمديد لنفسه عبر مجلس الشعب دون مجلس الشيوخ الذين يشكلان البرلمان الفيدرالي؛ ممّا أدى الى اندلاع مواجهات مسلحة في العاصمة مقديشو على وقع مظاهرات مناهضة لهذا التمديد كادت علي إثرها أن تنزلق البلاد إلي حرب أهلية ترجع البلاد للمربع الأول وتقضي علي الديموقراطية التي كرسها  الصوماليون للمرة الخامسة علي التوالي في منطقة القرن الأفريقي.  

أراد الرئيس المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو وبعض القوى السياسية المرتبطة به عرقلة المسار الانتخابي وتجاوز الأعراف السياسية التي استقرت في البلاد بمحاولة مستميتة للاستمرار في السلطة دون سند دستوري وتعمد تأخير موعد الانتخابات عن موسمها إلى حين ضمان سير نتائجها وإفراغها عن مضمونها ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل بوعي الصوماليين لحماية النظام الديموقراطي والمكتسبات الوطنية التي تحقق في العقد الأخير. انتهت الآن حالة الجمود السياسي(stalemate) باستكمال البرلمان بغرفتيه (الشيوخ والشعب) بانتخاب رؤساء المجلسين ونّوابهم، وبقيت مهمّة انتخاب الرئيس التي ستحدّد من سيشغل منصب رئيس الجمهورية للفترة الرئاسية القادمة  2022-2026 وتقع هذه المهمة على عاتق البرلمان.

ومع احتدام معركة السباق الرئاسي، واختلاط أثر الحصان مع أثر الكلب أو بعبارة أخرى (اختلاط الحابل بالنابل) تظلّ عملية الاختيار صعبة جدا، خاصة في ظل تشابه الخيارات المطروحة على الطاولة . هنا نود ان نلفت عناية سادة النّواب بالمرشح الذي نؤمن بحظوظه الكبيرة، إنه حاكم ولاية بونتلاند والمرشح الرئاسي البارز في هذه اللحظة التاريخية الفاصلة في التاريخ السياسي الصومالي، ولهذه الأسباب نعتقد أنه الأنسب في هذه المرحلة تحديداً:

أولا: الأمن والاستقرار يحتاج الصومال أكثر من أي شيء آخر تحقيق الاستقرار والأمن، وهو ما أخفق به جميع الإدارات المتعاقبة في البلاد، بدءا بالحكومة الانتقالية في عهد الشيخ شريف، مرورا بفترة حسن الشيخ محمود، وانتهاءا بإدارة الرئيس المنتهية ولايته محمد فرماجو. وبالتالي يعتبر المرشح سعيد عبدالله دني الخيار الأمثل، نظرا لإنجازاته المشهودة في مجال محاربة الشبكات المتطرفة والقضاء علي جيوب الإرهاب في مناطق ولاية بونتلاند خلال إدارته الحالية، حيث قضى على المجاميع المسلحة والخلايا الإرهابية فيها خلال فترة وجيزة وبناء قوات منضبطة في مستوى الولاية حيث شهدت مدينتي غالكعيو بوصاصو تحسنا أمنيا ملحوظا واختفت عمليات الاغتيال المنظمة بعد اعدام 18 عنصرا ارهابيا في يوم واحد.

ثانيا : نجاحه في الاصلاحات السياسية وإجراء أول انتخابات بلدية تجريبية في مناطق بونتلاند منذ الستينيات في ثلاث مديريات هي قرطو وافين وأيل واطلاق تجربة الأحزاب السياسية في الولاية علي أن تعمم هذه الانتخابات في جميع المديريات بعد نجاح التجربة، ويعد ذلك إنجازا ملموسا حيث  اعتقد الناس أن ذلك مستحيل في هذا الوقت القصير وخاصة بعد تفشي جائحة كورونا، ولهذا فإن سعيد قادر علي تطبيق نظام الأحزاب السياسية وإجراء انتخابات عامة في البلاد بدل الانتخابات غير المباشرة تقود لإلغاء قاعدة المحاصصة العشائرية واستكمال مراجعة الدستور الفيدرالي والاستفتاء عليه مما سيقضي علي التجاذبات السياسية ويحقق الاستقرار السياسي المنشود في البلاد.  

ثالثا : خلفيته في المجال الاجتماعي وخاصة المجال التعليمي تجعله قريبا من هموم الشعب ومعرفة احتياجاتهم واهتماماتهم فهو ليس المغترب الذي يكون منفصلا عن واقع عامة الشعب، وهو من المرشحين القلائل الذين ليس جنسية غير الجنسية الصومالية علي عكس أكثر المرشحين ويتمتع بشبكة علاقات واسعة مع أطياف وشرائح المجتمع من كافة الولايات في البلاد، وهذا ما يؤهله للذهاب بعيدا في هذا السباق الرئاسي المحموم الذي تتشابك في المصالح والإرادات المتباينة بين الأطراف المؤثرة في المشهد السياسي في البلاد.

رابعا: دبلوماسية منفتحة يعتبر دني أفضل من يقود سياسة خارجية متوازنة بعلاقاته الطيبة مع دول الجوار العربي والأفريقي ويؤمن بأن نجاح أي دبلوماسية تكمن في مدى تفادي وقوع الأزمات وحلها والقدرة كذلك على المناورة والتفاعل الإيجابي في محيطها الإقليمي والدولي، ولم تكن الدبلوماسية الصومالية فاعلة في محيطها الإقليمي خلال الخمس السنوات الماضية، وتعيش حالة من العزلة وانعدام الرؤية والتخبط في خطواتها، حيث تنامت المشاكل في السياسية الخارجية الصومالية التي أخذت نهجاً تصادميا تجاه دول المنطقة، خاصة دول الجوار مما أثر سلبا على المشهد السياسي.ويحتاج الصومال الى دبلوماسية “صفر مشاكل” مع دول الجوار وبناء علاقات ودية تشكل حجر الأساس لدبلوماسية واعية تجاه استقرار وسلام منطقة القرن الأفريقي

خامسا: تحقيق التنمية وجذب الاستثمار أهملت جميع الحكومات السابقة في هذا القطاع الحيوي ولم تول أي اهتمام يذكر في هذا الاتجاه، وعوضا عن ذلك انغمست بمعالجة قضايا سياسية هامشية وجانبية لا تحظى بأهمية كبيرة مقارنة مع موضوع التنمية وجذب فرص الاستثمار كونهما عنصرين أساسيين للاستقرار والتطور الإنساني والاجتماعي، وهذا الأمر يتطلب الى قيادة لديها القدرة على فهم أبعاد التنمية المستدامة وجذب الاستثمار، ما يجعل المرشح سعيد عبدالله دني الشخص الأنسب، كونه ينتمي الى بيئة رجال الأعمال وعقده صفقات مع شركات صينية لتطوير القطاعات الحيوية في بونتلاند.

آدم حسين

كاتب وباحث في العلاقات الدولية والدبلوماسية، خريج كلية الحقوق والدراسات الدبلوماسية -الجامعة العربية للعلوم والتقنية في اليمن. .مدون ولديه العديد من المقالات والبحوث المنشورة باللغتين العربية والصومالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى