مدينة الدراويش (لاسعانود) ما بعد صوماليلاند!
تمثل مدينة لاسعانود الصخرة الأخيرة التي تحطمت أطماع الانفصال علي أسوارها وتبدد السراب الذي كانت تركض وراءه (صوماليلاند) جراء الحرب الدموية التي شنتها قوات صوماليلاند عليها والتي استمرت قرابة ثمانية أشهر والتي أفقدت النظام الانفصالي أكبر سردية كان يتحجج بها، والتي تقول: إن النظام العسكري استخدم القوة المفرطة ضدهم لأخماد ثورتهم؛ لذلك لايمكن العودة إلى وحدة تمثل لهم القتل والتشريد، وهو عين ما فعلته قواته ضد شعب لاسعانود، عاصمة إقليم (صول)، فما عساهم يقولون بعد تلك الفعلة الشنيعة!؟
مدينة الدراويش:
عندما تزور تلك المدينة تتفاجأ بالخراب والدمار التي خلفتها آلة الحرب والتي طالت المرافق الحيوية والمؤسسات التجارية، ومع ذلك فإن شعب المنطقة يتوق إلى النهوض وينظر إلى المستقبل المشرق، وغير آبه بالماضي رغم آلامه، تجولت نصف يوم كامل في جبال المدينة ووديانها لاستجلاء حقيقة ما دار فيها من قصف مدمر وتتبعت خطواته وبدأت من الطريق الوحيد الذي كان يمثل الشريان الحقيقي للمدينة ومرورا بالوادي الكبير ثم صعدنا جبل السيد أي: السيد محمد عبدالله حسن، وكأن أهل لاسعانود يقولون: إذا كان البعض اختار أن يقيم نصبا تذكاريا لزعيم الدراويش؛ فإننا نخلد ذكراه بالجبال الراسيات التي لا يمكن إزالتها. وعلى كل حال فإن تلك الجولة القصيرة كانت كفيلة بأن تختصر لزائر مثلي تاريخ تلك الأشهر العجاف ومآسيها حيث إن قتلى الطرفين كانا من جنس ودين واحد بل كانت تربطهم قرابة نسب وصهر؛ وهذ يؤكد المصائب التي يسببها السياسي الجاهل إذا لم يكن هناك من يردعه من غيه ويخخف من غلوائه، وعليه فإن رواية تلك الأحداث وغيرها من مآسي الوطن تحتاج إلى طريقة علمية لكتابة تاريخها مما لا يسبب أحقادا لأجيال المستقبل حتى لا تتكرر السردية الفجة وغير العلمية التي استخدمها النظام الإنفصالي في صوماليلاند.
إدارة SSC خاتمو
تحاول الإدارة الجديدة التي تم تشكيلها من أهالي منطقة (صول، وسناق، وعين) أو (خاتمو) تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وقد اعترفت الحكومة الفيدرالية بالإدارة الفتية في خطوة لاقت ترحيبا واسعا من كافة الأوساط السياسية والاجتماعية باعتبارها قرارا صائبا في نهاية المطاف رغم الانتقادات التي وجهت لها في التقاعس في ايقاف الحرب الدموية أو تخفيف وطأته من أهل المنطقة العزل في أيامه الأولى. ومن المهم جدا أن للإدارة اتخاذ خطوات متسارعة لتحقيق تطلعات الشعب وآماله في العيش بكرامة وتحقيق الأمن والتنمية للمنطقة وربطها بالحكومة الفيدرالية وتقوية علاقاتها بجارتها الكبرى ولاية بونتلاند وحكومتها تمثل الخطوات المهمة التي قد تقوى دوره الإداري وتحقق له المكانة اللائقة من التعامل مع الأنظمة الإدارية التي تنطوي تحت الحكومة الفيدرالية الصومالية، ولذلك فإن الشعب يعلق آمالا عريضة علي قادته، وكل خطوة محسوبة عليه في هذه المرحلة الصعبة؛ لذلك يجب ألا يستعجل في اتخاذ قراراته حتى يتمكن من الشرعية والنجاح المطلوبين.
وختاما: فإن ما ينقص من الصومال في هذه المرحلة ليس غياب الأنظمة الإدارية، ولكن ما ينقصنا هو فاعلية المؤسسات التنموية التي تعمل في القضايا الفكرية وترفع وعي المجتمع، ليس صحيحا أن الصومال تعاني من فقر ومجاعة كما راج وأصبح صورة نمطية لا تكاد تنفك عنه، ولكن الحقيقة هي أن الصومال تعاني من فقر في الوعي واستثمار مواردها البشرية والطبيعية، ومن الملاحظ أنك نجد آلاف الشركات والمؤسسات العاملة في إعادة البناء، بينما لا تجد مؤسسة واحدة مهتمة ببناء ما تهدم من الإنسان الصومالي رغم وجود المدارس والجامعات فضلا عن الدعاة والعلماء الذين يتزاحم في ندواتهم الألوف، ومع هذا فإن تأثيرهم محدود جدا بل قد لا يتجاوز في قاعة الندوة، وهذا إذا لم يكن سبب حضور البعض إلى الندوة نوعا من الترفيه. وعليه فإذا لم يتحرك عقلاء البلد من تحمل دورهم المأمول في بناء الوعي لا يخرج البلد من التيه، وما نزال ندور في حلقة مفرغة، وقد يستخدم بعض الساسة آلة القتل تحقيقا لمآربهم المشبوهة بعد أكثر من ٣٥ عاما من بدء الاحتراب الداخلي.
لله الأمر من قبل ومن بعد،،،،