مشاركة المرأة الصومالية في صناعة القرار السياسي
تساهم المرأة الصومالية بشكل فاعل في كل مناحي الحياة جنبا إلي جنب مع الرجل ومع ذلك لا تحصل علي حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كاملة ويتجلى حرمان المرأة الصومالية من حقوقها في المجال السياسي بسبب القيود القبلية التي تعتبر المرأة غير جديرة بتمثيل العشيرة إلا إذا كان شريكها من نفس العشيرة، ورغم الجهود المتزايدة المبذولة في الآونة الأخيرة لتعزيز حقوق المرأة وحصولها علي مكاسب كبيرة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يظل مستوى مشاركة المرأة الصومالية في القرار السياسي محدودا ولم تصل لتأمين حصتها البالغة 30% في المناصب التي تأتي بالانتخاب أو بالتعيين حيث أن المجتمع الصومالي مجتمع تقليدي اتباعي بطبعه، ولذلك تواجه المرأة الصومالية تحديات عديدة تتمثل في القيود الاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى المعوقات الفكرية التي تعوق قدرتها على الوصول إلى المناصب القيادية.
هذا المجتمع التقليدي القبلي منع النساء الصوماليات من الحصول على بعض حقوقهن الاجتماعية والثقافية والسياسية، وعمل أيضًا هذا المجتمع الذكوري على تهميش صوتها وإبعادها عن دوائر صنع القرار مما يُقيد قدرتها على التعبير عن احتياجاتها وتطلعاتها، تقليص دورها في إطار الأسرة فقط، كما تواجه النساء تحديات كبيرة في الوصول إلى المعلومات والموارد الضرورية للتفاعل في الساحة السياسية، مما يعزز الشعور بأن مشاركتهن ليست محل ترحيب. وعلى الرغم من الخطابات الرنانة، فإن واقع المرأة لا يزال مأساوياً فمثلا الوفد الصومالي المشارك في مؤتمر المرأة والسلام العالمي الأخير كان يتكون بالكامل من رجال ،هذا التناقض الصارخ يسلط الضوء على التحديات الجسيمة التي تواجه المرأة الصومالية في الوصول إلى مراكز صنع القرار والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة. هذا الإقصاء لا يُسهم فقط في تهميش أصواتهن، بل يُعمق أيضًا الشعور بالعجز وعدم القدرة على تحقيق التغيير المنشود وكل هذه العوامل أدت إلى تقليل فرصها في التعليم والعمل والمشاركة السياسية، مما وضع قيودًا على أحلامها وطموحاتها والحد من دورها.
لطالما كانت المرأة الصومالية مصدر الهام ورمز للصمود والقوة في مواجهة التحديات والصعوبات ، ورغم إصرارها وتضحياتها، إلا أنها تواجه تمييزا صارخا واضحا يحرمها من أبسط حقوقها، إن نظام المحاصصة القبلية الذي يعيق مشاركتها السياسية يمثل إهانة واضحة لكل ما حققته وستحققه، إن حرمان المرأة من حق المشاركة في صنع القرار ليس مجرد ظلم فردي، بل هو عائق أمام تقدم المجتمع بأسره، ولتغيير هذا الواقع، يجب علينا جميعًا أن نتكاتف ونعمل بجد على:
- إعادة النظر في نظام المحاصصة القبلية: لضمان تمثيل عادل لجميع فئات المجتمع، بما في ذلك النساء.
- تعزيز المشاركة النسائية: عبر توفير الدعم والتدريب اللازمين لتمكين المرأة من الانخراط في الحياة السياسية.
- تحويل النظرة المجتمعية: من خلال حملات توعية شاملة تهدف إلى نشر ثقافة المساواة بين الجنسين.
- إصدار تشريعات داعمة: لحماية حقوق المرأة وتعزيز دورها في الحياة العامة.
- إطلاق برامج تمكين: تركز على تطوير مهارات المرأة القيادية
- تشجيع على المبادرات المجتمعية التي تعزز مشاركة المرأة في الحياة العامة
تعتبر مشاركة المرأة الصومالية في القرار السياسي من الإنجازات الملهمة التي تعكس قوة إرادتها وإصرارها على التغيير. ففي السنوات الأخيرة، شهدت المرأة تقدمًا ملحوظًا، حيث حصلت النساء علي عدد معتبر من المقاعد البرلمانية وإن كانت أقل من 30% من الحصة المخصصة للنساء في البرلمان بغرفتيه مما يعكس الجهود المستمرة للدفاع عن حقوقهن. ومن بين المبادرات الرائدة، تم تأسيس فريق بيلان وهو أول فريق إعلامي كامل من النساء في الصومال، يعمل ويُدار بالكامل بواسطة نساء يتمتعن باستقلالية تحريرية كاملة وتوفر المنصة صوتًا قويًا للمرأة وتساهم في تشكيل الرأي العام. كما أن النساء ينخرطن بنشاط في مفاوضات السلام، مما يعزز دورهن كقادة مؤثرين في المجتمع من خلال هذه الإنجازات، تثبت النساء الصوماليات أنهن ليس فقط جزءًا من الحل، بلأيضًا رائدات في بناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا لبلادهن.
في الختام ،رغم كل المعوقات التي تحاصرها، فإن المرأة الصومالية تواصل نضالها بكل قوة وإصرار، لتثبت للعالم أجمع أن صوتها مسموع وأن إرادتها لا تُقهر و إن مشاركتها في القرار السياسي ليست مجرد حق، بل هي ضرورة مجتمعية تساهم في بناء مستقبل أكثر ازدهارا واستقرارا وكالنخلة التي تتحدى الرياح العاتية، تظل المرأة الصومالية شامخة، متجذرة في أرضها، تحمل في قلبها شعلة الأمل، مؤمنة بأنها قادرة على تحقيق التغيير اللازم نحو الأفضل.