انطلق في حاضرة ولاية بونتلاند مؤتمر تشاوي يستمر لمدة ثلاثة أيام ابتداء من 15-17 مارس 2020 بدعوة من حاكم الولاية السيد / سعيد عبد الله دني ويشارك في المؤتمر مسؤولون ينتمون إلى ولاية بونتلاند من المستوى الفيدرالي والولائي كوزراء ونواب من غرفتي البرلمان في مجلس الشعب ومجلس الشيوخ وحكام وسياسيون سابقون وووزراء ونواب من ولاية بنتلاند وشيوخ عشائر وممثلون من المجتمع المدني لتدارس مستقبل الولاية وعلاقتها بالدولة الفيدرالية، الجدير بالذكر أن ولاية بونتلاند تأسست في عام 1998 قبل (22 عاما) وتولي حكمها العقيد عبد الله يوسف أحمد كأول حاكم للولاية في محاولة للوصول إلى صومال فيدرالي موحد، وأصبح يوسف لاحقا رئيسا للجمهورية في 2004 – 2008 .
سيبحث الموتمر في إنجازات وإخفاقات الولاية والخلافات المتكررة بين الدولة الفيدرالية والولايات الأعضاء مع قرب استحقاق الانتخابات التشريعية والرئاسية الفيدرالية في نهاية 2020 وبداية 2021 . ولهذا نطرحِ عددا من التساؤلات المشروعة والنقاط المهمة على طاولة المؤتمرين :
العلاقة مع المركز : خسرت الولاية كثيرا من نفوذها في مقديشو العاصمة وذلك بإنزِوائها عنِ المطبخ السياسي وتقوقعها على نفسها، كان لبونتلاند الفضل الأكبر في جهود عودة الحكومة الفيدرالية إلى مقديشو ومحاولة استعادة النظام والقانون فيها إبان إدارة الرئيس الراحل عبد الله يوسف أحمد وضحت بالغالي والنفيس في سبيل وحدة الأمة الصومالية، وفور إستقالة الرئيس الراحل العقيد عبدالله يوسف قلصت الولاية حضورها في مقديشو وقررت الإنغلاق على نفسها وإلقاء اللوم على الحكومة الفيدرالية وهذا كان خطأ إستراتيجي أدى إلى تراجع مكانتها وتاثيرها في عاصمة القرار السياسي الوطني مما أفقدها دورها الريادي، وما زال يتراجع رصيدها حتى يتلاشى إن لم يتم تدارك الأمر قبل فوات الأوان.
ملف الإرهاب : نفذت حركات الإرهاب تفجيرات وإغتيالات في بونتلاند ودأب المسؤولون إلى إدانة هذه الأعمال الوحشية الإرهابية دون تحريك ساكن في القضاء على هذه الحركات الإرهابية وزاد النظام العبء على الشعب في القضايا الأمنية التي تفاقمت على ما كانت عليه إلى جانب ملف الإرهاب في جبال غلغلا برزت داعش على الوجهة ومع المساعدات الأمريكية في برنامج مكافحة الإرهاب لا يوجد تقدم يذكر في دحر الإرهاب و أكاد أجزم ولا أرمي الغيب أن الحكومة الحالية ليس من أولوياتها ولا من ثانوياتها القضاء على ٢٠٠ عنصر جآئع محاصر في هذه الجبال.
تنظيم الانتخابات العامة : تم التوافق على الانتقال من نظام المحاصصة العشائرية أيام تأسيس بونتلاند إلى تنظيم إنتخابات عامة حرة ونزيهة والاحتكام إلى الصناديق لكن مع الأسف كل مرة يأتي حاكم للولاية يطوي هذه الصفحة ويخبئ هذا الملف في أسفل الخانات المنسية، وكما يبدو أن النظام الحالي يظهر بعض المحاولات الجادة والمبكرة نحو النظام الديموقراطي وإسدال الستار على النظام المبني على المحاصصة العشائريه البغيضة لكن لا أحد يضمن نجاح هذه المحاولات والغالب أنها ستتحطم على صخرة رغبات المنتفذين المستفيدين.
الخدمات العامة : ماذا قدمت الولاية للشعب بعد تعاقب عدد من الإدارات على حكمه طيلة أكثر من 20 عاما في مجال الخدمات كالصحة والتعليم وإصلاح الطرقات والبنى التحتي؟ ، يلاحظ المتابع أن جل هذه الخدمات هي من جهود أبنائها وبعض المنظمات غير الحكومية، المستشفيات معظمها أهلية و الحكومية منها تتلقى دعم من المنظمات الدولية مثلها مثل المستشفيات الأهلية، والمعروف أن هذا الدعم لايصل مباشرة إلى المراكز الصحية وتكاد تكون خاوية وخالية من أبسط الخدمات الصحية مثل الاسعافات الأولية !!، مع أنه تم رصد ميزانيّة كبيرة لقطاع الصحة، لكن مع ذلك صارت الوزارة وكر للفاسدين المتنفذين من أمنائها ووكلائها ويتمتعون بنفوذ أكبر من الوزير نفسه.
وأما إصلاح الطرقات وتعبيدها فحدث ولا حرج والتي يتم تشييدها بمبادرات أهلية ومساهمة صغيرة من النظام تقل عن 30% ومع ذلك يتباهى إعلام النظام بها،مثلا تعبيد طريق عيل طاهر وعيرغابو 70 % من دعم أبناء الجاليات والمغتربين من هذه المنطقة وبعض رجال الأعمال في مدينة بوصاصو في الوقت الذي يدفع الشعب ضريبة باهظة من دخله لا تنعكس عليه كخدمات في الأمن والصحة والتعليم وغيرها، ولا يوجد تقدم ملموس للنظام في تطوير منظومة التعليم وفتح جامعات تحقق جودة التعليم وتلبي المعايير الدولية وإيصاله لفئات الشعب كافة علما بأن القطاع الخاص يهيمن على التعليم حيث لا يستطيع غالبية الشعب دفع تكاليفه الباهظة .
العلاقة مع صوماللاند: منذ تأسيس بونتلاند فقدت ولا تزال تفقد مناطق واسعة من محافظة سول وسناغ لصالح صوماللاند مما يهدد وجودها والأساس الذي قامت عليه ولا تزال جارتها الغربية تحرز تقدما مطردا في بسط سيطرتها على كامل محافظة سول وكل حاكم يتعهد باستعادة مناطق سول وبالعكس يفقد مناطق أخرى، وهنا ينبغي على بونتلاند إما استعادة الأراضي التي تأسست عليها أو إعادة النظر في حدودها.
الإِقتصاد: كما نعلم أن تجارة الشعب الصومالي عموما والبنتلاندي خصوصا كان يعتمد على حركة ميناء بوصاصو والطريق الرئيسي الرابط بين بوصاصو ومقديشو البالغ نحو 1500 كلم من 1991 لكن بعد 2009، أضحت هذه الحركة في هبوط متسارع بنحو 80 % حتى توقفت هذه الحركة بفعل صفقة مشبوهة والتي وقعها حاكم الولاية السابق السيد/ عبدالولي محمد علي غاس مع الإمارات وأقرها الحاكم الحالي السيد / سعيد عبد الله دني بل وأهدى للإمارات أيضاً مطارات بونتلاند، وتفشت البطالة وقلت السيولة في بوصاصو شريان التجارة الصومالية وارتفعت أسعار السلع الضرورية، وأكبر من ذلك قيام السيد دني إلى إعطاء شركة واحدة مملوكة لأورغاشية حوله رخصة احتكار بضائع الضروريات من ميناء بربرة بعد إغلاق إغلاق ميناء بوصاصو .
التماسك الداخلي : هل حقق النظام البونتلاندي اللحمة والتماسك الداخلي بين أبنائه ؟ قبل تأسيس بونتلاند و قبل الاستعمار وفي حقبة النظام المركزي كان المجتمع يحترم شيوخ العشائر ومنضو تحت لوائهم مع أن الإستعمار الإيطالي والبريطاني حاولا تحجيم هذ السلطة لكنه فشل في إحداث شرخ في التركيبة والنسيج الإجتماعي لهذا الشعب، على هذا الأساس كان السلاطين وشيوخ العشائر مراجع وضامنى وحدة وأمن هذا المجتمع وهذا أمر لا شأن للنظام الحالي به رغم محاولاته تقزيم دور زعماء العشائر التقليديين وجعل النفوذ محصور في عشائر معينة يوجهون سياستها على حسب مصالحهم وما سواهم فهم مواطنوا درجة ثانية (سكان منطقي محافظة بري ومديرية غلدغب) وثالثة (سكان محافظتي سول وسناغ) و عليهم السمع والتنفيذ، لكن هيهات فكل العشائر مسلحة بأسلحة ثقيلة وهذا يغذي النزاعات العشائريه ويزعزع الاستقرار والأمن المجتمعي.