وداعا صاحبة الفن الأصيل … خضرة طاهر
رحلت الفنانة الصومالية المشهورة خضرة طاهر عغي في مستشفى بهرغيسا بعد وعكة صحية ألمت بها مؤخرا وقد نعاها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في بيان صدر من القصر الرئاسي ورئيس الحكومة السيد حمزة عبدي بري؛ كما بعث حكام الولايات والسياسيين برقيات عزاء لهذا المصاب الأليم سائلين المولى أن يتغمد الفقيدة بواسع رحمته ويلهم ذويها الصبر والسلوان والأمة الصومالية، وكانت الفناة خضرة عضوا نشطا في أشهر فرقة موسيقية في الصومال وهي فرقة واباري ومعناها الشروق، وتمثل إصدارات هذه الفرقة 90% من التراث الفني الحديث من أغاني وطنية وعاطفية ومسرحيات وغيرها من أنواع الفن الصومالي الجميل .
ولدت خضرة طاهر عغي بهرغيسا في عام 1957 وعاشت صباها في نفس المدينة حتي دخلت معترك الفن في عام 1974 بمقتبل شبابها حيث تعتبر مدينة هرغيسا موطن الفن الصومالي ومنبعه الأصيل وعاصمة الثقافة الصومالية وساهمت في إثراء الفن الصومالي وفي سجلها نحو 250 أغنية ولم يقتصر دورها في الطرب والغناء فقط فقد وقفت في المسرح ومثلت عدد من الأدوار في المسرحيات التي ذاع صيتها بدءا من السبعينيات وحتي بداية التسعينيات حيث رحلت للخارج مثل غيرها بعد إنهيار النظام العسكري واندلاع الحرب الأهلية وتعيش بعيدا عن جمهورها ولكنها كانت ولا تزال حاضرة في وجدان الصوماليين واستقرت في بريطانيا نحو عقدين من الزمن ولكنها عادت لتستقر في هرغيسا في العقد الأخير حتي وافتها المنية فيها لتضاعف حزن الصوماليين وهم يحتفلون في الاستقلال الذي لم يعد له طعم .
وصلني خبر وفاة الفنانة الصومالية الشهيرة خضرة طاهر كالصاعقة وكان له وقع وحزن علي قلبي غير أنني لا أقول إلا ما يرضي الله وإننا لفراقك محزونون، رحمات الله تعالى عليك، كانت خضرة فنانة بالطبع، موهوبة بالفطرة، محبة للفن، عاشقة للجمال. صوتها الهادئ العذب ينساب الى نفسك ويبث فيه الروح دون تصنع او تكلف أو صراخ. لمع نجمها في سماء الفن في اواخر السبعينات، وهي من الأصوات التي كانت تصل الى أذني، تنطلق من السيارات والمطاعم في اوائل الثمانينات، وانا صغير، اتخبط في شوارع مدينة بلدوين -حرسها الله- فأقف لها معجبا، كنت مندهشا بهذا الصوت الشجي مع انغام الموسيقي، وما يترتب على ذلك كله من التوازن العجيب، والانسجام التام، والتناسق الفريد، ومن ثم الجمال الباهر، الذي يطرب النفس، ويمتع القلب. ومنذ ذلك الوقت والفنانة خضرة كانت من أحب المطربات الصوماليات الى قلبي، استمع اليها بين فينة واخرى فيذكرنا صوتها بتلك الذكريات الجميلة، حين كان للفن معنى، وللأدب رسالة، وللكلمة الجميلة مكان في قلوب الجمهور. وكانت خضرة كذلك ممثلة مسرحية، فكان لها ادوار مهمة في تمثيل روايات كثيرة على المسرح، وقد حالفها التوفيق والنجاح في تمثيلها، كما حالفها في غنائها. ومن احب اغانيها اليّ اغنيتها:
Dadkoo ururayoo
Isu tagay dhamaan
Ma ogan karaan
Mooyee issga
Ubax baan sidaa
Kuula soo ordee
Maad iga aqbali
وهذه الأغنية من تأليف الاديب الصومالي الكبير عبد القادر حرسي يميم رحمه الله عليه . وعندما سمعت اليوم خبر وفاتها استمعت الى هذه الاغنية كوداع لهذه النجمة الساطعة التى كانت تتلألأ في السماء ردحا من الزمن ثم اختارت ان تهوى بهدوء. غابت خضرة ولكنها صوتها لن يغيب، فقد أضحى ارثا وطنيا تتوارثه أمتنا جيلا عن جيل.
وداعا خضرة، رحمك الله عليها، أراك الله ما يسرك في اخرتك، كما ادخلت السرور الى قلوب الملايين من عباده في دنياك. خالص التعازي القلبية لذويها ومحبيها وللامة الصومالية جمعاء.