السياسةالصومالتحليلاتمقالاتمقالات الرأيوجهات نظر

ولاية جوبالاند تتحول إلى قضية انتخابية مرة أخرى!

كانت ولاية جوبالاند موضع إشكال انتخابي أثيرت حولها زوابع سياسية بسبب رغبة الفريق الحاكم آنذاك 2019 الذي حاول أن يهيمن عليها والأسباب انتخابية بحتة، وها نحن اليوم نواجه نفس الخلافات وبتغير بسيط للفريق الحاكم فقط، وكأن السياسي الصومالي لا هم له إلا العودة إلى كرسي الحكم حتى ولو على جماجم الشعب! وقد أشرنا في مقال سابق إلى أن خلافات جوبالاند مع النظام السابق كانت مسألة انتخابية؛ ولذلك أعاد الرئيس الحالي جميع المناطق التي تم اقتطاعها من جوبالاند إليها مؤكدا أن ما حدث كان خطأ ارتكبته الحكومة الفيدرالية.
يحلو لمؤيدي الرئيس حسن شيخ محمود وصمه بالرئيس المحرر لأنه بدأ فترتة حكمه بركوب انتفاضة أهالي محافظة هيران ضد حركة الشباب الإرهابية وأطلق حملة عسكرية فاشلة في ولاية غلمدغ للتخلص من حركات العنف وكان الشعب يؤيد تلك الحملة النوعية رغم عاطفيتها الواضحة إلا أنه أخفق فيها وبصورة أساءت إلي هيبة الجيش الوطني حديث التشكيل والتدريب، ومع ما كان لتلك الحملة من إيجابيات سياسية ومعنوية بصورة الرئيس إلا أن الصورة تشوهت عندما اتجهت سياسة الرئيس إلى التشبث بكرسي الحكم وبدأ بمعاداة الولايات الرافضة لتوجهاته المقلدة لسياسات سلفه وأهمها مقولة: (ما أوريكم إلا ما أرى)     loojoojin maayo حيث بدأ بمحاولة تفكيك ولاية بونتلاند وتنبأ بإنهيار ما تم بناؤه خلال 24 عاما في مدة لا تتجاوز عن 24 يوميا إن لم تنصاع الولاية لأجندته المناهضة للنظام الفيدرالي، ثم أثار أزمة تعديلات الدستور التي أرست مرحلة العودة إلى النظام المركزي والفردي ضاربا عرض الحائط جميع اتفاقيات المصالحة الوطنية، وكأننا لم نتعلم من التاريخ شيئا، مما حوله من زعيم مجاهد إلا لاهث وراء السلطة والثروة.
جوبالاند مسألة انتخابية:
ورغم كل هذا الفشل الذي مني بتحركات الرئيس الذي انتحل صفة (الحاكم بأمر الله) حيث لا رئيس وزراء ولا برلمان في عهده الجديد إلا أنه لم يستطع أن يتحمل أن يقفز من القطار قبل أن يغرق أحد حكام الولايات التي كانت تمثل معه مسرحية تعديل الدستور والإنتخابات العامة المزعومة وهكذا تيقن حاكم ولاية جوبالاند أن قطار حسن شيخ لن يوصله إلى بر الأمان؛ ولذلك قرر أن يعود إلى دستوره وطريقته المعهودة من الإنتخابات، ولسنا نناقش هنا نزاهة تلك الطريقة بقدر ما نناقش هل توافق الدساتير المكتوبة أم لا، فطالما لن تخالف ما هو مكتوب لا يحق للحكومة الفيدرالية أن تملي عليه ما يجب أن يفعله هو ولا غيره؛ لأن الحكومة الفيدرالية لا تملك الشرعية التي تؤهلها فرض شروطها على الولايات حتى يتم الانتهاء من المصالحة الوطنية والتي تنتهي بانتهاء الدستور الوطني المتوافق عليه.
ومع أن الرئيس حسن شيخ محمود يدرك أنه لا يملك الأهلية القانونية إلا أنه يحاول إعادة الحروب الأهلية في منطقة جوبالاند ولأسباب انتخابية بحتة! وكلنا ندرك موقفه المؤيد لانتخابات جوبالاند في عام 2019، وموقف رئيس وزراءه آنذاك الذي كان يمثل عراب تلك الانتخابات ومحاميها الجلد! حين كان رئيس لجنة إنتخابات جوبالاند، فمن يصدق اليوم أن خلافهم مع جوبالاند هو خلاف في المبادئ وأن زعيم ولاية جوبالاند خالف القوانين الوطنية، مالكم كيف تحكمون!. قد يعتقد البعض أن ذاكرة الشعب الصومالي قصيرة، ولكن هذا الاعتقاد فشل في أيام حكم فرماجو؛ لذلك على الرئيس ومجوعته المهوسة بالحرب أن تفهم أنه من المستحيل إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ولن تعود الصومال إلى الحكم الفردي مهما حاولتم ليَّ ذراع الآخرين واستخدام الرشاوى.
ختاما الحقيقة التي يفهمها كل متابع في الشأن الصومالي إن جوبالاند قد تتحول إلى مسألة انتخابية فترة معينة ولكنها ستتغلب على الضغوط المرتجلة التي تستعملها أوليغاركية الحاكمة في فيلا الصومال، وستعود الأمور إلى سابق عهدها بعد أن ينتصر منطق الحق على منطق القوة المتوهمة، ثم نعود إلى عهد المصالحة الوطنية وترفرف حمامة السلام على جميع ربوع الوطن، وسيذكر التاريخ ذلك السبعيني الذي حظي بالرئاسة مرتين وخدع الشعب بشعاره الكاذب ” صومال متصالح مع نفسه ومتعايش مع العالم” وفي النهاية فشل في استكمال المصالحة وبناء دولة القانون بسبب أطماع شخصية لن تدوم.
قاتل الله الطمع!!!

عبد القادر علي ورسمة

وزير الدولة للعدل بولاية بونتلاند الصومالية، صحفي وكاتب صومالي، والسكرتير السابق لمجلة الفرقان الكويتية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى