المناضل الراحل “مورو” شعلة مضيئة في ذاكرة الأمة
رحل المناضل الصومالي السيد محمود يوسف “مورو” يوم الخميس 17 يناير 2019 في مدينة نيروبي عن عمر يناهز 98 عاما؛ وهو من مواليد عام 1924م في مدينة مركا مركز محافظة شبيلي السفلى، ويُعتقد أنه آخر المناضلين في رابطة الشباب الصومالي التحررية وقصته مشهورة، وتضرب بها مثلا في الفداء وحب الوطن، ومسيرته حافلة بتاريخ نضالي فذ هو وزوجته السيدة حواء موسى علي، والتي كانت رفيقة دربه في النضال، والتي رحلت هي الأخرى قبله ليدفن إلى جنبها في مقابر لانغاتا في نيروبي.
انضم كغيره من الشباب إلى رابطة الشباب الصومالي (Somali Youth League) والمعروفة اختصارا بــ SYL بعد تأسيسها مباشرة في 15 مايو 1943 بمبادرة من 13 شابا صوماليا من مختلف مناطق الصومال لا تتجاوز أعمارهم 25 عاما؛ وذلك لمناهضة الاحتلال، والنضال من أجل الحرية والاستقلال، وكان من أهم مبادئهم ما يلي:
- تحقيق حلم الصومال الكبير، والوقوف صفا واحدا ضد الاحتلال، ونيل الحرية والاستقلال.
- نبذ التعصب العشائري والمذهبي وكل ما يدعوا إلى التفرقة والفتنة بين أبناء الشعب الصومالي.
- الحرص على التعليم والقضاء على الجهل.
وقد تكللت جهودهم بالنجاح، ونال الصومال استقلاله في عام 1960 بسواعد هؤلاء الفتية من خيرة أبناء الصومال، إنهم فتية آمنوا بعدالة قضيتهم وكافحوا من أجلها وبذلوا النفس والنفيس من أجل كرامة وحرية وسيادة واستقلال الصومال فاستحقوا التخليد في ذاكرة الأمة.
ومن الشباب الذين انخرطوا في حزب الرابطة الشابين محمود يوسف آدم مورو والسيد عبد الله عيسى محمود، وكان بينهما شبه كبير وتقارب في بينة الجسم والعمر، وهما من محافظة مدغ إلا أنهما من مواليد محافظة شبيلي السفلى وتحديدا مدينة أفغويي المشهورة ومدينة مركا التاريخية ذات المكانة الدينية على التوالي، ومما سطره التاريخ في رحلة النضال أن السيد المناضل عبد الله عيسى محمود كان في مهمة وطنية تحررية شملت لندن وباريس ونيويورك لشرح جدارة الصومال بنيل الاستقلال، بدأت في 28 أكتوبر 1948 واستمرت حتى مايو 1949 واشترط الإنكليز تطعيم السيد المناضل عبد الله عيسى محمور بمصل مضاد للأمراض كإجراء معتاد ولكن عندما علم الصوماليون بعزم الإنكليز حقن رئيس الوفد بهذا اللقاح خافوا بأنها مؤامرة لاغتياله، وبعد مداولات ومشاورات قرروا استبداله بالسيد محمود يوسف آدم (مورو) ليأخذ التطعيم بدلا منه لما كان بينهما من شبه كبير، وبالفعل تم حقن السيد محمد يوسف باللقاح ولم يصب بأي أذى؛ سوى مضاعفات بسيطة من الحمى، ليضرب بذلك أروع مثال في التضحية والفداء من أجل الوطن والحرية، ولتوهب له الحياة ليعيش بعد تلك الحادثة 70 عاما بالتمام والكمال، ومن المؤسف أن أحفاد المناضلين فرطوا في سيادة البلد وحريته واستقلال قراره السياسي!
يقع على عاتق الجيل الشاب المحافظة على مكتسبات الأمة وسيادة واستقلال البلاد، فكما نجح الأجداد في نيل الحرية والاستقلال فإن الجيل الحالي قادر على الاضطلاع بمسؤولياته في حماية كرامة وشرف الأمة؛ وذلك في توحيد الكلمة ونبذ الخلافات وتقديم المصلحة العليا للوطن فوق كل الاعتبارات الأخرى.