بماذا أخطأت حليمة ؟
صرحت رئيسة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات السيدة حليمة إسماعيل إبراهيم المعروفة بحليمة يَرَيْ،بتصريحات مثيرة للجدل حول المرأة وحقوقها السياسية حيث اعتبرت أن حواء ليست مخلوقة من ضلع آدم كما هو شائع وأن ذلك محض خرافة و وشككت حول نصوص الإرث كما رفضت النصوص التي تلزم المرأة في بيتها قبل أن تنهال عليها حملات الاستنكار والاستهجان مما اضطرها إلي إعلان تراجعها عن تصريحاتها المثيرة واعلان توبتها عن ما بدر منها تحت ضغط المجتمع ؛ وبين فترة وأخرى يُسمع في الصومال تصريح نسائي يخلق بلبلة في الشارع ويحرك نقاشا مستفيضا في المجتمع.
بجانب حديث السيدة حليمة والذي تطرقت فيه إلى أصل خلق المرأة و مسألة تقسيم الإرث ولزوم المرأة لبيتها والذي تراجعت عنه بعد موجه من الهجوم العنيف عليها، هناك الكثير من الوقائع المشابهة، فقبل حليمة تعرضت وزيرة المرأة و حقوق الإنسان السابقة السيدة ديقة ياسين إلى حملات عنيفة من العلماء ووجهاء المجتمع على خلفية مشروع قانون الجرائم الجنسية الذي أعدته لإقراره في البرلمان ورفض مجلس الشعب إقرار التشريع مما استلزم منها إظهار التوضيحات والتبريرات كما تراجعت عضوة البرلمان الصومالي النائبة بمجلس الشعب السيدة مريم أحمد هارون عن تصريحاتها المتعلقة بالحقوق السياسية للمرأة والتي ندمت في ما بعد و تمنت أن لم تقل ما قالت، بعد تعرضها لحملة منظمة في وسائل التواصل الاجتماعي تعتبرها مرتدة عن الدين؛ والقائمة تطول بـ نساء قلن فندمن، واستُتبن فتبن، وفي ندمهن وتوبتهن دلالة على أن الصومال لا يحتضن حركات نسوية مُأدلجة لها أهداف و استراتيجيات محددة و مناهج مقدسة لا تقبل التراجع ، و دلالة أيضا على أن كل الأصوات الحقوقية النسائية التي تُسمع في الصومال هي في الأصل من نساء يحملن بعض الأفكار النسوية الغير المتماسكة والتي يمكن أن تنهار مع أول نقاش علمي.
ولكن هذا لا يعني بأن الصومال خال تماماً من جهود نسوية متطرفة فبالعكس تسعى دول ومنظمات بإيجاد موطئ قدم في البلاد وبذز كوادر نسائية تحمل أجندات نسوية ممنهجة تريد أن تتصيد وتُجند بعض الأصوات النسائية الغاضبة الحانقة على المجتمع من جراء التهميش والاقصاء ، وصوت حليمة و ديقة و مريم وغيرهن من النساء هن نساء يشعرن بالظلم الاجتماعي و يمتعضنً من استمرار تهميشهن ، ويرفضن التمييز ، و يبحثنً عن العدالة و المساواة في الإسلام، وتجاهل المجتمع لتلك المشاعر و اعتبارِه عبثاً نسائياً هو الدافع الحقيقي لنشوء حركات نسوية متطرفة معادية للإسلام وما تجربة تونس عنا ببعيد فقد سُئل الداعية التونسي عبد الفتاح مورو عن سبب نجاح الحركة النسوية المتطرفة في تونس فقال “بأن النسوية في تونس لم تنجح إلا بيد تونسيات من بيوت تونسية محافظة و متدينة لم يٌسمع لهن و لم تُعط حقوقهن فكن أول من بارك وثيقة الحقوق المدنية للمرأة التونسية” .
والمرأة الصومالية شًئنا أم أبينا ، اعترفنا أم أنكرنا ، أقررنا أم تغافلنا ، بصِيرنا أم تعامينا تستشعر الظلم و بأنها في مجتمع ذكوري يمنعها من الوصول أحياناً إلى حقوقها التي أعطاها الله إياها ، فهي تعلم علم اليقين بأن القران الكريم أكرمها و بأن المجتمع في بعض تفاصيله خذلها ، فليس من الحكمة مواجهة تلك المشاعر و التصريحات بالإقصاء والشتم والتخوين والتكفير و الوعيد بالهلاك ، هن بنات الصومال المسلمات ينقصهن بعض العلم أخطئن في تحديد ميدان المعركة، فدخلن في منطقة ألغام فليس من الرحمة تفجير هذه الألغام عليهن بغضب وتسليمهن بأيدينا إلى التطرف، هن بحاجة إلى قليل من الوعظ وكثيراً من التفهم و النقاش و الحوار و ترجمة الأقوال إلى أفعال، هن لسن أعداء الوطن والدين هن صوتاً مكبوت يريد أن يُسمع.