قراءة في مقاطعة مجلس الشيوخ الصومالي جلسة افتتاح البرلمان
التقرير الأسبوعي (1)
- مقدمة:
أصدرت اللجنة الدائمة لمجلس الشيوخ في البرلمان الاتحادي بيانا صحفيا بتاريخ 10 سبتمبر 2018 قاطعت فيه افتتاح الدورة الرابعة للبرلمان الاتحادي معللة على ذلك بالظروف الأمنية، وأخرى فنية، وأعربت في البيان عن قلق المجلس من الأزمة السياسية المتفاقمة بين الحكومة الاتحادية والولايات الأعضاء، ورأت أن هذه الخلافات تمثل تحديا لتطبيق النظام الاتحادي، وتعهد المجلس بقيادة بجهود وساطة، والبحث عن تدابير لحل الخلاف السياسي؛ وذلك عن طريق التمثيل الدستوري للمجلس؛ غير أن المراقبين يرون أن الأمر أبعد من ذلك بكثير ، ويتعلق بالخلافات السياسية العميقة التي تشهدها الساحة في الآونة الأخيرة؛ وفي هذا التقرير نحاول قراءة أبعاد هذه المقاطعة لافتتاح الدورة الرابعة للبرلمان الصومالي العاشر.
- شكل النظام النيابي
هناك شكلان للنظام النيابي سواء كان نظام الدولة مجلسيا أو رئاسيا أو برلمانيا؛ فان الهيئة المنتخبة من الشعب التي تمارس السلطة التشريعية نيابة عن المواطنين تسمى بالمجلس النيابي (البرلمان) وسواء كان النظام المتبع نظام مجلس واحد أو مجلسين ، فإن الدستور يوضح عمل المجلس النيابي .
- نظام المجلس الواحد
المجلس النيابي في الدولة يتكون من مجلس واحد ويمارس السلطة التشريعية والرقابة، وقد أخذت أغلب دول العالم بهذا النظام، وبالذات الدول ذات الشكل الموحد (البسيط) ، ونظام المجلس الواحد يتميز بالبساطة والسرعة في العملية التشريعية، ويجنب البلاد المنازعات والانقسامات التي تحدث داخل الهيئة التشريعية .
- نظام المجلسين:
المجلس النيابي (البرلمان) يتكون من مجلسين يمارسان السلطة التشريعية والرقابة، وذلك بتوزيع الاختصاص التشريعي بينهما أو بالتعاون فيما بينهما، ويرتبط نظام المجلسين في أكثر الأحيان بشكل الدولة، فالدول الاتحادية (ذات النظام المركب) تعتمد نظام المجلسين كالولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، كما أن بعض الدول ذات الشكل البسيط هي الأخرى تأخذ بنظام المجلسين لأسباب تاريخية كفرنسا ، أو لأسباب سياسية ، أو اجتماعية ، أو اقتصادية.
-
دلالات مقاطعة مجلس الشيوخ
تأخر تشكيل مجلس الشيوخ في البرلمان الاتحادي عند إقرار الدستور المؤقت من قبل الجمعية التأسيسية للدستور والمكونة من 525 مندوبا يمثلون كافة شرائح المجتمع في 2012 ولكنه رأى النور في عام 2016 بعد مخاض عسير و جدل واسع وتعالت أصوات تطالب بإلغاء مجلس الشيوخ “المجلس الأعلى” للبرلمان الاتحادي بداعي عدم جدواه وإمكانية إثارته للخلافات، وعرقلته المحتملة لمسيرة التقدم السياسي في تنفيذ الاستحقاقات المطلوبة، إضافة إلى الهواجس التي يمكن أن يخلقها مستقبلا من أزمات بين المجلسين، ومن جانب آخر يشتكي مجلس الشيوخ من تغول مجلس الشعب على مجمل عمل البرلمان الاتحادي من التمثيل والتشريع والرقابة وعرقلته لتشكيل مجلس الشيوخ أثناء قيادته للبرلمان الاتحادي في ظل عدم وضوح الدستور المؤقت في اختصاصات كل مجلس وعدم اكتمال عملية مراجعة الدستور.
ويرى المراقبون ان موقف مجلس الشيوخ في المقاطعة إنما هو اصطفاف مع حكام الولايات الذين أعلنوا تجميد تعاونهم مع الحكومة الاتحادية في مقديشو، وبمثابة إعلان عن خروجهم من عباءة مجلس الشعب؛ حيث دأب الأمين العام لمجلس الشعب إرسال الدعوات المشتركة لمجلسي البرلمان باسم مجلس الشعب فقط ، ويعزون أسباب مقاطعة مجلس الشيوخ لافتتاح الدورة البرلمانية الرابعة إلى ما يلي:
أولها: إثبات دورهم في حماية النظام الاتحادي للجمهورية، وتمثيلهم للولايات الأعضاء في الاتحاد؛ وذلك في تناغم واضح مع البيان الختامي لمجلس التنسيق بين الولايات الذي أعلن تجميد تعاونه مع الحكومة الاتحادية حتى الوفاء بالتزامات الحكومة مع الولايات.
ثانيها: شعورهم بالتهميش السياسي؛ وذلك لأن الدستور الاتحادي المؤقت أعطى حق منح الثقة للحكومة لمجلس الشعب دون مجلس الشيوخ، وبذلك خرجوا من المعادلة السياسية، ويحاولون فرض نفسهم على الساحة، ويسعون لاستعادة هذا الحق في استحقاق مراجعة الدستور الجاري.
ثالثها: دفع وتحريك بعض القوى المعارضة لمجلس الشيوخ، وجعله ورقة تفاوض وابتزاز للحكومة الاتحادية ولي ذراعها بعد استمالة الحكومة لمجلس الشعب، إما بضمهم للحكومة أو منحهم امتيازات سياسية وتحقيق مطالبهم.
الخلاصة
وفي كل الأحوال، فإن مجلس الشيوخ هو الممثل الحقيقي لمصالح الولايات؛ وبالتالي عليه مسؤولية دستورية لحماية النظام الاتحادي للجمهورية، وأن يكون جزءا من عملية مراجعة الدستور المؤقت؛وكذلك ممارسة كل هيئة مهامها بالتعاون مع الهيئات الأخرى في الدولة بروح التعاون والمصلحة العليا للوطن؛ بحيث يمارس الكل سلطاته ومسؤولياته وفق الدستور والقوانين الأخرى للبلد.
بقلم: عبد الرحمن عيسى